
أثارت صدمة مقترح ترامب عن “ريفييرا الشرق الأوسط” ضمن حديثه عن مستقبل غزة، تساؤلات حيال أوراق الدول العربية وخططها البديلة؛ لثني ترامب عن مقترحاته التي وصفها عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالجنونية والطائشة.
لم تكن منطقة الشرق الأوسط لتستوعب تصريحات الرئيس الأمريكي الجمهوري «دونالد ترامب» عن سيناريو “نقل” سكان غزة، حتى أصدر العائد إلى البيت الأبيض مرة أخرى تصريحات أثارت الجدل وصدمة عالية الوطيد في المنطقة بتأكيده على جديته لتنفيذ هذا المقترح.
وفي صدد هذه الأحداث، حاور «» الدكتورة هبة جمال الدين رئيس قسم الدراسات المستقبلية والخبيرة في الشأن الإسرائيلي بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية؛ للحديث معها عن السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة بعد تصريحات ترامب المثيرة للجدل في حق سكان قطاع غزة، وهل تمتلك الدول العربية كروت ضغط يمكن أن تمارسها ضد الولايات المتحدة الأمريكية لتتراجع عن مخططها المشترك مع إسرائيل بخصوص حل القضية الفلسطينية؟، إضافة لعدد من الأسئلة الأخرى.
* «زيادة الضغط الدبلوماسي والسياسي ضد إسرائيل دوليًا»
“يتوجب على أهل قطاع غزة الالتفاف حول الدولة الفلسطينية بكل قوة وزيادة وتيرة الضغط السياسي والدبلوماسي ضد إسرائيل” تقول «جمال الدين» لـ«»: «المظلة التي يتوجب أن يلتف حولها الفلسطينيون في ظل محاولات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؛ لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل قطاع غزة في ظل عدم وجود قانون دولي بكل أسف وهذا ما شاهدناه جليًا خلال الآونة الأخيرة، تتمثل في زيادة الضغط الدولي ضد إسرائيل عن طريق التمسك بأحقية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتوجيه قضايا ضد قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في مجلس الأمن والأمم المتحدة والقضاء الدولي»
ولكن كيف يتحقق هذا الأمر أي ما هي السبل التي تجعل صوت الفلسطينيين مسموعًا في شتى ربوع العالم؟
“إيصال الصوت الفلسطيني المنادي للحق يأتي من خلال التنسيق الإعلامي وعدم الهوادة والرعون في تجسيد واقع سكان القطاع المرير من خلال منصات السوشيال ميديا والمحافل الإعلامية، بكل الطرق الممكنة سواء أكانت مشروعة أو غير ذلك”.
* «الولايات المتحدة الأمريكية تنحاز إلى إسرائيل وتُحركها الصهيونية»
“الولايات المتحدة الأمريكية لا تخضع إلى القانون الدولي وتنحاز دائمًا لصالح دولة الاحتلال» تقول «جمال الدين» لـ«»: «الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت خلال التطورات الميدانية الأخيرة داخل قطاع غزة انحيازها الكامل إلى إسرائيل والحركة الصهيونية، التي لا تؤمن إلا بعلو إسرائيل وتدشين أهدافه خبيثة في المنطقة».
تضيف: «من يحكم الولايات المتحدة الأمريكية سواء أكانوا جمهوريين أو ديمقراطيين ليسوا سوى حفنة من الطائشين، ولا يوجد فرق بينهم سوى في استخدام الأدوات» فكلاهما انعكاس للصهيونية المسيحية التي تؤمن بهرمجدون.
وما تعليقك على تصريحات ترامب الأخيرة والتي أثارت جدلًا كبيرًا بخصوص مخططه؛ لاحتلال قطاع غزة وتهجير ساكنيه؟
“تصرفات ترامب الأخيرة وتصريحاته أعادت إلى الأذهان شخصية هتلر ومفهوم الدولة العضوية التي تقوم على أساس الاستيلاء وتوسيع النفوذ دون وجه حق، وهو يجب أن يقف العالم ضده بكل الطرق”.
* «موقف مصر والأردن قوي وصريح.. والدول العربية تمتلك كروت ضغط وفيرة»
تتابع «جمال الدين» حديثها مع «» بالثناء والمديح الكبير لمصر والأردن على موقفهما الصارم والحازم ضد مخططات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بخصوص مطامعهم؛ لحل الدولة الفلسطينية وتهجير قطاع غزة من ساكنيه وتشير: «موقف الدولة المصرية والأردن هو تأكيد على أننا جميعًا كدول عربية يجمعنا نسيج عربي واحد».
وتكمل: «يتوحب على كافة الدول العربية ثني مقترحات وأهداف القادة الأمريكان والإسرائيليين، ونحن نمتلك كروت ضغط لا تعد ولا تحصى؛ لإجبار ترامب ونتنياهو على الخضوع لقبضتنا والنزوح عن أفكارهم الاستعمارية ومخخطاهم الدنية؛ لتهجير سكان قطاع غزة لمصر والأردن ودول الخليج».
وهل هناك كروت ضغط يمكن أن تدفع بها مصر ضد الولايات المتحدة الأمريكية؟
“مصر تمتلك كروت ضغط كثيرة، أولًا يتحتم على مصر إيقاف أية تعاونات مشتركة بحثية بينها وبين الجانبين الأمريكي أو الإسرائيلي حتي وإن كانت تحت غطاء أوروبي، وعدم إبرام أية عقود جديدة بينها وبينهم”.
وتؤكد: «ستمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضد مصر خلال الفترة المقبلة أساليب استفزازية وتهديدات عديدة من خلال اللعب على ملف سد النهضة؛ كي تخضع مصر لقبول مقترح التهجير، وهو ما لن تسمح به مصر بتاتًا تحت وطأة أي ظروف، ويجب أن يلتف الشعب المصري حول قادته ويعي بخطورة المرحلة الحالية وتبعاتها».
* «تصريحات ترامب جادة ولا يجب التهاون معها»
ما هي السيناريوهات المتوقعة الفترة المقبلة، وهل تصريحات ترامب مجرد كلام فارغ لن يتحقق أم أنه إعلان صريح للتهديد بعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وإثارة الهلع؟
“أؤكد لك أن تصريحات ترامب جادة وليست بالعبثية أو الجنونية، وسيعمل خلال الأيام المقبلة على إعادة فتح عدد من الملفات الحقوقية، وعلى الجانب المصري سيعمل ترامب على إحداث الفرقة العنصرية والطائفية وإحداث تشتت داخلي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ لإحداث فوضى داخل البلاد”.
وتختتم الدكتورة هبة جمال الدين رئيس قسم الدراسات المستقبلية والخبيرة في الشان الاسرائيلي بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية حديثها مع «» وتقول: «إسرائيل تعمل على السير قدمًا؛ لتنفيذ مخطط أبراهام بصورة أكثر اتساعًا من خلال خلق هوية إحلالية تضوي على الهوية القومية العربية من خلال اتباع أهداف تطبيعية مع الدول العربية وإنشاء اتحاد فيدرالي تتحكم به بزمام الأمور داخل الشرق الأوسط، وهي أهداف خطيرة يجب أن تعي بها دولنا العربية شعوبًا وقيادة وتواجهها بكافة الأساليب ولا تخضع لها”.
وكان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مع ضيفه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، قد اقترح أن تسيطر الولايات المتحدة على قطاع غزة. وقال ترامب “ريفييرا الشرق الأوسط. هذا شيء يمكن أن يكون بالغ الروعة”، كما أكد إلى أن الدول العربية وعلى رأسها مصر والأردن سيقبلان بمقترح تهجير أهل قطاع غزة إليهم، وهو ما قوبل بالرفض التام من قبل مصر والأردن اللذان أكدا خلال تصريحات رسمية تنسب لهم على أحقية أهل قطاع غزة في البقاء على أرضهم دون أية تهديدات خارجية.