
في خضم الأضواء الساطعة التي تتركز على ناديّ الأهلي والزمالك، يبرز لاعبو كرة قدم اختاروا طريقًا مختلفًا، بعيدًا عن زحام الديربي وصخب الانقسام بين الأحمر والأبيض، ليكتبوا أسمائهم بحروف من ذهب في تاريخ الكرة المصرية دون أن يمرّوا بمصانع النجومية المعتادة، هؤلاء هم من تحدّوا القواعد، وحملوا شرف التحدي، ليثبتوا أن المجد لا يُحصَر في ألوانٍ بعينها، وأن النجومية يمكن أن تولد من شوارع المحلة أو أسوار الإسماعيلي، أو حتى بين أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت كيف تصنع الأساطير.
من بين هؤلاء العظماء، يطلّ اسم محمد إبراهيم المزانى، الشهير بـ”بوبو”، كواحدٍ من أبرز الأسماء التي ارتبطت بنادي الاتحاد السكندري، هذا المدافع الأسطوري الذي بدأ مشواره من أزقة الإسكندرية، وكافح بلا كلل ليصنع لنفسه مسيرةً خالدة، لم يكن بوبو مجرد لاعب، بل كان روحًا تسري في وجدان كل سكندري، وحكاية كفاح صنعتها الموهبة والإصرار، ومنذ أولى مبارياته عام 1964، أثبت أنه السد المنيع الذي لا يخشى التحديات.
على مدى عقدين، كان بوبو عماد دفاع الاتحاد والمنتخب المصري، رافعًا كأس مصر مرتين مع زعيم الثغر في عامي 1973 و1976، لم تكن مسيرته مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات التي واجهها بقوة وصلابة، حتى في أشد المواقف غرابة، مثلما حدث عندما خاض مباراة مهمة مع المنتخب الوطني مرتديًا فردتين من الحذاء الأيسر، ليقدم واحدة من أفضل مبارياته على الإطلاق.
لم تتوقف قصة بوبو عند حدود الملعب، فقد عُرف بقلبه النقي وروحه الدؤوبة، حتى في تجربته الاحترافية القصيرة مع نادي الطائي السعودي، حيث لُقب بـ”الفك المفترس” لما أظهره من قتالية استثنائية، وفي عام 2011، رحل بوبو عن عالمنا، لكن إرثه ظل خالدًا في قلوب جماهير الاتحاد وعشاق الكرة، لأن الأساطير لا تموت، بل تبقى حية في ذاكرة من عشقوا هذه اللعبة بصدق.
تعليقات