آية شعيب تتحدث عن أحدث أعمالها الأدبية «تلك الأشياء المظلمة» ودردشة حول مرض الاكتئاب

“حياتي ما بعد الاكتئاب صنعت مني شخصًا جديدًا”، هكذا تعرِّف صانعة المحتوى والكاتبة والإعلامية المصرية آية شعيب (37 عامًا) عن نفسها، والتي اشتُهرت بمحتواها الذي تناقش من خلاله العلاقات الاجتماعية وكل ما يتعلق بالصحة النفسية وتأثيرها على الفرد. ومما زاد في شهرتها ربما، مشاركتها هذا المحتوى على مختلف صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي خالية من التجميل وبأسلوب قصصي جذاب، فهي التي توجه بوصلة محتواها لمناقشة قضايا مجتمعية شُحن بها المجتمع شحن: (التنمر، العنف ضد المرأة، الصحة النفسية، العلاقات السلبية)، فكانت خير من يناقش تلك القضايا، الأمر الذي أثار فضولنا لنعرف عنها المزيد.

عام 2009، حصلت شعيب – ابنة الممثلة لبنى ونس على بكالوريوس الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة 6 أكتوبر؛ مما أكسبها ثقلًا لغويًا وأسلوبًا مميزًا في الكتابة؛ فبجانب محتواها الهادف على منصات التواصل الاجتماعي إلا أنها تعمل أيضًا في الوقت الراهن إعلامية بقناة صدى البلد بتقديمها برنامج «أنا وهو وهي» والذي يلقى نجاحًا واسعًا بين المشاهدين.

وعلى الناحية الأدبية أصدرت شعيب كتابها الأول «سلام أسود» (مذكرات التعافى وما بعد الاكتئاب) عن دار الرواق للنشر، بالتزامن مع معرض القاهرة الدولى للكتاب 2022، فى دورته الـ53، وناقشت خلال هذه المذكرات ما وصفته بأنها مرحلة «الوحش» التى يعنى بها المرحلة الأصعب لدى المريض النفسي، وهى التى تصل به إلى محاولة الانتحار، ووضع نهاية مأساوية لحياة وعما بعد هذه المرحلة الأصعب، وهى مرحلة النجاة، وإعادة اكتشاف الحياة من منظور مغاير، تلك المرحلة التى يصبح فيها الاكتئاب أشبه بمساعد شخصى، يساعد على فهم ذاتك، وتقبلها كما هى، بل ومسامحتها أيضًا على أى شيء.

لم تقف شعيب – ذات الطموح الأخاذ – التي باتت الكتابة شغفها الأول عن الكتابة، فصدر حديثًا لها عن دار الرواق للنشر والتوزيع، أولى رواياتها، تحت عنوان «تلك الأشياء المظلمة»، وستكون الرواية متاحة للجمهور بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ56، وهو الكتاب الثاني لها بعد «سلام أسود».

«» حاورت آية للحديث معها عن روايتها الجديدة، وعن كيفية تعاملها مع موجة الهجوم التي تعرضت لها بعدما انتقدت بعض الأعمال الفنية خلال موسم رمضان الدرامي الماضي، إضافة للحديث معها عن معاناتها مع مرض الاكتئاب في كتابها «سلام أسود»، والعديد من الأسئلة الأخرى.

• «تلك الأشياء المظلمة استغرقتُ في إنجازها وقت طويل»

“فن كتابة الروايات ليس بالأمر الميسور إطلاقًا”.

«أكتب لأنني أحب الكتابة»، تقول شعيب لـ«»: «بعد تجربة خواطر «سلام أسود» توجه فكري نحو كتابة رواية بشكل احترافي، أحب الكتابة وأسعى دومًا لتكريس حبي هذا واستغلال وقتي في كتابة أعمال أدبية جيدة».

تضيف: «تأخرت في إنهاء رواية “تلك الأشياء المظلمة”؛ لصعوبة مشروع الرواية، كنت أهاب من التجربة، ففن كتابة الروايات يحتاج الي الكثير من العمل والجهد؛ ليظهر العمل إلى النور على أفضل صورة».

كم من الوقت استغرق منكِ كتابة تلك الأشياء المظلمة؟

عامين 

 «بعد هذه السنوات»– تؤكد «شعيب»: «واثقة من استحسان الجمهور للرواية بإذن الله، وأتمنى ألا يقسو عليها النقاد».

وماذا عن متن الرواية حدثينا عن تفاصيلها أكثر؟

تقول «شعيب»: «تصنيف الرواية نفسي اجتماعي، جميع الأبطال في الرواية يعانون من أزمات نفسية سببها الأبوين، وتدور أحداثها بين القاهرة ودبي والرياض».

تكمل: «الرواية عبارة عن 4 قصص يدورون في نفس التوقيت الزمني لنفس الأبطال ولكل قصة زاوية مختلفة بعيون مختلفة لشخصيات عدة، ستصدر الرواية عن دار الرواق، وهي الدار التي أصدرت كتابي الأول، وأتوجه بجزيل الشكر لأستاذي هاني عبد الله علي، والروائي أحمد عبد المجيد، ممن كانوا سببًا رئيسيًا في إنجازي للعمل الروائي المرتقب على أفضل شكل؛ بفضل نصائحهم السخية وتشجيعهم المستمر».

• «ما بين سلام أسود ومرض الأكتئاب وتحولي لشخص جديد»

عن كتاب «سلام أسود» توضح «شعيب»: «سلام أسود لم يكن كتابًا، كان مجرد خواطر أكتبها؛ لأساعد نفسي علي تخطي الاكتئاب، كتبت عن كل الصفات والأشياء والأفكار التي قد تهزمنا وقد تساعدنا في الفترات المظلمة، لم أتوقع له تحقيق صدى واسع، فقط كان يكفيني أن يعود لي حتى لو شخصًا واحدًا يعاني من الاكتئاب بعد قرائته ويقول لي: “كنت أحتاج أن أقرأ هذا الكلام في هذه الفترة العصيبة”، وما حدث كان كرمًا كبيرًا من الله، أن ينجح سلام أسود والذي يقوم عن تجربتي الخاصة مع الاكتئاب ويحقق المرجو منه».

تكمل «شعيب» بالتعمق بالحديث عن مرض الاكتئاب باستفاضة: «يأتي الاكتئاب في أشكال عديدة وله صور وأنواع مختلفة، فهو عرض مصاحب لبعض الاضطرابات، ويعد مرضًا بحد ذاته، يعتقد البعض أنه مرحلة حزينة في حياة الإنسان ليس إلا، لكنه أعمق من ذلك، الاكتئاب هو تآكل لروح إنسان فقد البوصلة ولم يعد يعي معالم الطريق، ليس لأنه تائه فحسب بل لأنه يظن أنه لم يعد يوجد طريق من الأساس، ولهذا أكرس محتواي على منصات التواصل الاجتماعي؛ ليناسب كل أنواع  البشر بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الفكرية، بالطبع تختلف طرق العلاج، ودائمًا ما أؤكد على خطورة التشخيص الذاتي والاستهتار بأي عطل في مسيرة الحياة اليومية للإنسان».

لكن لماذا ينظر المجتمع لمريض الاكتئاب نظرة شبه دونية يعمها الاستهزاء بالمرض هل هذا نتيجة جهل المجتمع بمخاطره؟

“في اعتقادي الشخصي لم نعد كذلك، هناك صحوة ضخمة اجتاحت ولا زالت تجتاح الأوساط المختلفة بخصوص الوعي بالصحة النفسية، بالطبع يجهل البعض مخاطره، ويعتبره البعض “دلع” من الشخص خصوصًا إذا كان رجلًا”.

وتؤكد «شعيب»: «بعد معاناتي مع الاكتئاب، لم تتغير  نظرتي إلى الحياة فحسب، بل أنني أضحيت شخصًا جديدًا كليًا، يتنفس هواءً مختلفًا كل يوم، وأدركت أن الحياة دون الإصرار علي التعافي والتقدم العقلي فقيرة للغاية، بينما رحلة التعافي هي الرحلة الأكثر متعة علي الإطلاق، تجعلك تحتضن نفسك، تحبها، ثم تنطلق لحب الحياة من جديد».

• «موقف السلام هادف بشكل كبير»

تتحدث «شعيب» والذي يتخطى عدد متابعيها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” المليون متابع عن تجربة موقف السلام وتشير: «ظهرت فكرة موقف السلام من حيث شعرت أنني بحاجة إلى نقل تجربتي لعلها تفيد؛ كوني عانيت كي أصل إلى بر يمكنني الوقوف عليه، وليس بحرًا يُغرقني أو رمالًا تبتلعني، وأعتقد ان الأمراض النفسية علي اختلافها إلا أنها تتشابه في عزلة المريض، وشعوره بأنه وحيد، لا أحد يفهمه ولا أحد يشعر به، ولا يمكنه أن يشرح تفصيلًا ما يمر به بشكل يومي من صراعات نفسية وذهنية، وأستقي الافكار من حولي من الواقع ومعايشته».

• «إثارة للجدل لا تنتهي»

ذكرت «شعيب» في إحدى حواراتها الصحفية السابقة ضرب الزوج لزوجته على أنه جرم يفوق الخيانة، ووصفت 90% من العلاقات بالتوكسيك وعن هذه التصريحات توضح: «الإنسان بلا كرامة وبلا حدود يفقد نفسه، لا شك ولا خلاف علي أن الخيانة ايضًا تفقد الإنسان ثقته بنفسه، لكن شتان بين فقدانك لشيء فيك وبين فقدان نفسك، الأسوأ أن المرأة لن تشعر بهذا الفقد في الحال، وسيجبرها المجتمع والأهل في بعض الأحيان علي التهاون من اجل حماية المنزل، فلن تأخذ حقها في رد الاعتبار، بل وسيتكرر الأمر، الضرب ثم التبرير ثم الصُلح، الإساءات اللفظية والجسدية جريمة يُعاقب عليها القانون، فكيف لرجل مؤتمن على زوجته أن يحط من شأنها، للأسف معظم الرجال يعتبرون هذا الفعل تقويم وانا أعتبره تقليل من قدر الرجل نفسه».

“والراجل اللي بحق لا يجب أن تهان زوجته” تقول «شعيب» لـ«».

ومع نهاية حديثها مع «» ردت آية على موجة الانتقاد اللاذعة التي تعرضت لها عقب تقييمها لأعمال موسم رمضان الدرامي المنصرم وهل يجعلها هذا الأمر تفكر مرارًا وتكرارًا قبيل توجيه عبارات النقد للأعمال الفنية خلال موسم رمضان المقبل؟

 “أحترم الانتقادات، وسأعيد التفكير في أسلوب النقد، لأنني أعترف بخطأي في اختيار الأسلوب المناسب للنقد ، لكنني في الوقت ذاته لا أعتقد أنني سأتوقف عن النقد او استقبال النقد أيضًا بروح مرحة”.