بعد وفاة آية عادل .. هبة عبد العزيز توضح أسباب العنف بين الأزواج

بالرغم من النضال الطويل الذي قامت -وما زالت تقوم- به الحركات النسوية المتتابعة، لا تزال ظاهرة العنف الزوجي من الشريك قائمة وتنتشر كانتشار النار في الهشيم، إذ أنها معضلة كبرى تواجه سيدات مصر والمنطقة العربية بشكل عام، ممن يقاسون من عنف أزواجهن، والعنف الزوجي هو نمط سلوك في علاقة ما يُمارَس؛ لإحراز السلطة والسيطرة على شريك حميم أو لمواصلة إخضاعه، ويشمل ذلك أي سلوك من شأنه ترويع المرأة من قبل الزوج، من خلال تخويفها أو ترهيبها أو التحكّم بها أو إيذائها أو إهانتها أو إصابتها لفظيًا أو جسديًا، وهو ما قد يصل إلى درجة القتل في بعض الحالات، كما حدث مؤخرًا مع آية عادل، الفنانة التشكيلية، إثر سقوطها بشكل غامض من شقتها بمنطقة لواء الرصيفة شمال شرقي العاصمة الأردنية عمان، بعدما اتُهم زوجها بالتعدي عليها بالضرب.

إن العنف في حد ذاته مشكلة كبيرة ومعقدة وترتبط بعوامل عدة، لكن الأخطر هو مسألة التطبيع مع العنف الممارس من الشريك ضد النساء في مصر، هذا التماهي مع العنف يرتكز إلى الاعتقاد الراسخ في أذهان العديد من الرجال بأنه من حق الزوج تأديب زوجته مستخدمًا العنف معها، حيث يتم استخدام مفاهيم مثل الولاية والقوامة؛ لتكريس عدم تكافؤ القوى بين المرأة والرجل في العلاقة الزوجية وتصويرها كعلاقة تراتبية يترأسها الرجل وتخضع فيها المرأة.

وفي محض الحديث عن العنف الزوجي وانتشاره في منطقتنا العربية حاور «مصر الآن» الكاتبة الصحفية هبة عبد العزيز ومديرة وحدة المرأة والقضايا الاجتماعية بمركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية؛ للحديث معها حول أسباب انتشار هذه الظاهرة، وعن وسائل الحد من تفاقمها مجتمعيًا.

• للعنف الزوجي أسباب عديدة

“للعنف الزوجي أسباب اجتماعية ونفسية وسيكولوجية واقتصادية، فالأسباب الاجتماعية سببها يرجع إلى ركود حملات التوعية المجتمعية والتي تعد أحد أسباب تفاقم ظاهرة العنف الزوجي” تقول «عبد العزيز» لـ«مصر الآن»: «المؤسسات المجتمعية بمختلف هيئاتها (الإعلامية، التعليمية، الدينية، الثقافية) لا تقوم بدورها المنوط في قضية الحد من ظاهرة العنف الزوجي ضد المرأة».

ولكن كيف هذا؟

“على سبيل المثال فالمؤسسات الإعلامية بمختلف أشكالها سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة، تعد سلاحًا ذو حدين ضرره أكثر من نفعه في هذا القضية، فنعم الإعلام والدراما يعملان بدأب على إظهار أضرار ومفاسد هذه التصرفات السامة التي تسيطر على كثير من الأزواج، ممن يعتدون على زوجاتهم سبًا وضربًا، ولكن على النقيض هذا يمثل بالنسبة لبعض الرجال الدافع على المضي في استخدام أساليب العنف ضد زوجاتهم منتشيين بأن المجتمع واقعه مدجج بهذه الأفعال بشكل كبير، وهناك المؤسسات الدينية التي يحوم حولها عدد من الدعاة محدودي الكفاءة، ممن يبيحون للزوج ضرب لزوجته؛ نتيجة تفسيرهم غير السديد لبعض النصوص والآيات القرآنية”

تضيف: «وعن الأسباب النفسية والسيكولوجية التي تعد حجرًا أساسيًا في تفاقم ظاهرة العنف الزوجي، فيعود إلى نشأة وماضي بعض الأزواج، ممن ترعرعوا بين جنبات أُسر سامة استحل فيها الأب إيذاء الأم؛ فاقتبس منه الابن هذا الطبع، حتى تأصل في بدنه وكبر معه، إلى أن صار أبً محمل بطباع والده، وهناك أسباب اقتصادية أيضًا وسببها هو زيادة وتيرة الاضطراب المادي الذي يعاني منه الكثيرون في الوقت الراهن؛ مما يمثل ضغطًا على كاهل الزوج فيُخرج هذا الضغط من خلال الاعتداء على زوجته».

• الحد من العنف الزوجي يحتاج إلى جهد.. والقانون درع المرأة

تواصل «عبد العزيز» حديثها مع مصر الآن، وتؤكد: «للحد من ظاهرة العنف الزوجي، يستوجب على المؤسسات المدنية حث المواطنين باستخدام شتى الطرق الممكنة بخطر العنف الزوجي على المجتمع، إضافة إلى التأكيد على تشريعات القانون الصارمة في حق كل من يستخدم مثل هذه الأفعال السامة في حق زوجته؛ حتى يلزم كل زوج حدوده تجاه زوجته ويعاملها بالمعروف ولا يعتدي عليها قط».

وتستكمل: «أنصح كل مرأة تُعنف من قبل زوجها على عدم التعايش مع هذا الوضع وألا تقبل بإهانة كرامتها إطلاقًا، وأن تلجأ إلى القانون في حال تعدى عليها زوجها؛ لأن هذا حق أصيل من حقوقها».

• العنف الزوجي ليس له مبرر

تختتم «عبد العزيز» حديثها مع «مصر الآن»، وتشير: «يتحتم على كل مرأة متعلمة مُقبلة على الزواج خلال فترة الخطوبة استنباط طبيعة خطيبها بذكاء من خلال وضعه داخل حيز مواقف معينة تستشف من خلالها طريقة تصرفه وسلوكياته مع الآخر، حتى لا تكون عرضة للدخول في علاقة سامة، مع التأكيد أنه لا مبرر أبدًا للعنف الزوجي ضد المرأة فهو أمر ممنوع منعًا باتًا دينيًا وقانونيًا ومنافي للعرف وينتقص من قدر المرأة التي عززها الإسلام».

محمود المصري

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.