
أجرت منظمة MRA شركاء للتعبئة من أجل الحقوق «امرأة»، وهي منظمة غير حكومية غير ربحية تعمل على الحقوق الإنسانية للنساء مقرها الرباط، استطلاعا مستقلا حول التأثير الفوري والآني لتجميد المساعدات الخارجية للولايات المتحدة على الجمعيات المحلية في المغرب، من أجل تجميع المعلومات حول التأثير المباشر ولفت الانتباه إليه.
وذكرت المنظمة المذكورة بأن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت، في الـ24 يناير المنصرم، أمرا بـ”وقف العمل”، بمقتضاه تم التعليق الفوري الجميع الأعمال والتمويلات الأمريكية المتعلقة ببرامج المساعدات الخارجية الإنسانية والتنموية في جميع أنحاء العالم.
وتم إجراء الاستطلاع عبر الإنترنيت خلال الفترة من 4 فبراير إلى 16 فبراير الجاري، وكان متاحا باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية. واستهدف فقط الجمعيات والمجموعات المغربية المحلية والتي لديها اتفاقيات منح الفرعية وشراكة مع المؤسسات أو المنظمات الدولية الكبرى المستفيدة الرئيسية من العقود أو المنحة الأمريكية.
وأوضح الاستطلاع أنه من بين إجمالي 37 من المشاركين في الاستطلاع، فضّل 25 عدم الكشف عن هويتهم، ورفضت بعض المنظمات الإجابة عن جميع الأسئلة الواردة بالاستطلاع، مشيرة إلى مخاوف من الانتقام أو مخاوف من أن الرد على الاستطلاع قد يعرض فرصها في الحصول على تمويل أمريكي مستقبلا، كما لم يتضح ما إذا كانت هذه المخاوف تتعلق بالحكومة الأمريكية أو بالشريك الرئيسي المتلقي للتمويل من الولايات المتحدة.
وبخصوص التأثير الفوري على الجمعيات والمجموعات المغربية المحلية إثر تجميد الولايات المتحدة للتمويل الأجنبي، أورد المصدر ذاته أنه خلال فترة زمنية قصيرة -الأسابيع الثلاثة فقط الموالية لصدور “أمر وقف العمل”ـ كانت لتجميد التمويل الأجنبي الأمريكي آثار فورية وضارة على الجمعيات المغربية المحلية، حيث أفاد 19 في المائة بأنهم لم يتم تعويضهم بعد عن النفقات السابقة التي تم صرفها بالفعل قبل صدور “أمر وقف العمل” في 24 يناير؛ و17 في المائة أفادوا بأنه تم تعليق الدفع مقابل مختلف النفقات التي تكبدوها بعد 24 يناير. كما أفاد 53 في المائة بأنهم اضطروا إلى إلغاء الأنشطة المبرمجة، وأفاد 25 في المائة بأنهم غير قادرين على دفع رواتب الموظفين والموظفات، و22 في المائة أفادوا بأنهم غير قادرين على تغطية تكاليف التسيير الأساسية مثل الإيجار وغيره. في حين أفاد 11 بأنهم اضطروا إلى تسريح الموظفين، و22 في المائة بأنهم واجهوا مشاكل مع منظمات محلية أخرى و/ أو مع المستفيدين والمستفيدات من البرامج، وأبلغ 25 في المائة عن مشاكل أخرى إضافية.
ورجح الاستطلاع المستقل، الذي أجرته المنظمة سالفة الذكر حول التأثير الفوري والآني لتجميد المساعدات الخارجية للولايات المتحدة على الجمعيات المحلية في المغرب، أن يستمر التأثير الضار في التصاعد إذا لم يتم رفع تجميد التمويل.
وذكر المصدر عينه أن العديد من المجيبين على الاستطلاع لم يتمكنوا من الإجابة عما إذا كانت المنح المخصصة لهم والمرتبطة بالنفقات السابقة أو الجارية قد تم تعليقها أو تجميدها أم لا؛ لأنهم لم يتلقوا حتى الآن أية معلومات أو توجيهات من المتعاقد أو الشريك الرئيسي بخصوص “أمر وقف العمل” وكيف سينطبق الأمر عليهم.
كما أشار العديد منهم إلى أنهم ما زالوا يعملون على مشاريعهم في انتظار تعليمات من المتلقي الرئيسي؛ وهو الأمر الذي يعرض هذه الجمعيات لخطر انتهاك “أمر وقف العمل”، وبالتالي عدم تعويضهم وسداد النفقات والتكاليف المتكبدة، حيث قال أحد المشاركين في الاستطلاع إن هذا الإجراء أضر بمصالح العديد من الناس.
وأضاف المشارك ذاته في الاستطلاع المشار إليه: “لقد أوقف “أمر وقف العمل” أنشطتنا تماما، على الرغم من وجود عقد موقع وتمويل ملزم كان لدينا برنامج كان من الممكن أن يساعد آلاف المستفيدين، وتقديم الدعم المباشر والمرونة على المدى الطويل؛ لكن مع تعليق التنفيذ، تم تعليق المدفوعات المخطط لها والدورات التدريبية والمشاركة المجتمعية. هذا لا يؤثر فقط على المستفيدين، ولكنه يعطل أيضا العلاقات مع أصحاب المصلحة المحليين”.
كما أشار الاستطلاع إلى وجود العديد من العيوب الإجرائية المرتبطة بإعمال تجميد التمويل، حيث لم يتم إبلاغ العديد من المجيبين والمجيبات بـ”أمر وقف العمل” سواء بشكل رسمي أو في الوقت المناسب، مبرزا أن غالبية المستجيبين سمعوا لأول مرة عن “أمر وقف العمل” إما بشكل شفهي وغير رسمي من شخص آخر غير الشريك الرسمي المتعاقد معه المتلقي الرئيسي للتمويل (38 في المائة) أو من خلال وسائل الإعلام (32 في المائة) وعدد قليل من المجيبين سمعوا لأول مرة عن “أمر وقف العمل” من مصدر رسمي، إما كتابيا (19 في المائة) أو شفهيا (3 في المائة).
وأبرز المصدر نفسه أنه على الرغم من أن “أمر وقف العمل” دخل حيز التنفيذ بشكل آني، فإن الاستطلاع كشف أيضا عن تأخير في إخطار الجمعيات المغربية المحلية بـ”أمر وقف العمل”، حيث إن 19 في المائة من المجيبين فقط سمعوا لأول مرة عن “أمر وقف العمل” مباشرة بعد صدوره أي في 24 أو 25 يناير، ومن بين الباقين نصفهم علم بالأمر خلال الأسبوع الموالي لصدوره؛ في حين أن النصف الثاني لم يعلم بالأمر حتى الأسبوع الثاني أي (1) إلى 7 فبراير الجاري.
وأفاد أحد المجيبين بأنه تواصل مع المتعاقد الرئيسي فور صدور “أمر وقف العمل”، ليتم إخبارهم بأن الأمر مجرد “شائعة” وأن الجمعية “يجب أن تستمر في العمل كما هو مخطط لذلك”.
وأوضحت نتائج هذا الاستطلاع الفوضى وعدم الوضوح المحيطين بتجميد التمويل وتطبيقه؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن معطى إمكانية توصل جميع موظفي الحكومة الفيدرالية المسؤولين عن المساعدات الأجنبية من الإدارة بأوامر وقف جميع الاتصالات العمومية وإغلاق مكاتب الوكالات المعنية، ووضع الموظفين الفيدراليين في إجازة إدارية ومنح مئات المتعاقدين إجازة أو إنهاء عملهم ساهمت أيضا في عدم توصل المعنيين بإخطار مناسب أو تقديم أية معلومات إلى الجمعيات المغربية المحلية.
وفي هذا الصدد، قال أحد المشاركين في الاستطلاع إنه من غير المقبول أن يتم اتخاذ قرارات أحادية الجانب في شأن يهم التزامات مالية ملزمة للمنظمات العاملة، وأضاف مشارك آخر أنه هذا أمر غير منطقي كليا ويجب إعادة الأمور إلى نصابها”.
وخلص الاستطلاع إلى توصيات؛ أبرزها “ضرورة رفع تجميد تمويل المساعدات الخارجية الأمريكية على الفور حتى يمكن استئناف البرامج وصرف الدعم امتثالاً لأمر المحكمة الصادر في 13 فبراير، وضرورة تأكد المسؤولين على العقود والمتعاقدين الرئيسيين والمستفيدين من المنح من حصول الجمعيات المغربية المحلية على معلومات كاملة ودقيقة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بتجميد التمويل.
كما دعا الجمعيات ووسائل الإعلام وكافة المعنيين الآخرين إلى الاستمرار في مراقبة وتوثيق التأثيرات الضارة الناتجة عن تجميد التمويل ومدى ملاءمة الإجراءات المواكبة لها.