
انتقدت هيئتان مهنيتان في قطاع النقل اللجوء إلى “تخفيف” العقوبات على تجاوز السائقين المهنيين للمدة القصوى للسياقة وعدم احترام مدة الراحة، لتنحصر فقط في الغرامة المالية، بعد أن كانت تتضمن أيضا سحب رخصة السياق من المخالف، في التعديلات الجديدة الواردة في مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم مدونة السير، الذي جرى مؤخرا فتح باب التعليق عليه للعموم من قبل الأمانة العامة للحكومة.
وأعلن المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وجمعية ملتقى السائق المهني للنهوض بشؤون السائقين المهنيين بالمغرب، للرأي العام أنهما “لم يطلعا” على الصيغة النهائية لمشروع تغيير وتتميم القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، المعروضة للتعليق”.
وسجل المصدر ذاته، في بلاغ، أنه “بعد مرور تسع سنوات على التعديلات التي أجرتها وزارة النقل في مدونة السير بخصوص بطاقة السائق المهني بشكل أحادي الجانب، الشيء الذي نتج عنه عدم تفعيلها لحدود اليوم، من جديد ترتكب الوزارة الخطأ نفسه فيما يخص البنود المتعلقة بجهاز قياس السرعة وزمن السياقة والراحة في التعديلات الجديدة، وكذا خلطها بين ورقة التسجيل والحامل”.
وفي هذا الصدد، استنكرت الهيئتان المذكورتان “تعمدها (الوزارة) تخفيف عقوبات تجاوز المدة القصوى للسياقة وعدم احترام مدة الراحة وإلغاء عدد من المخالفات المتعلقة بهذا الشأن”، وحذرتا من أن ذلك “يعرض سائقي نقل المسافرين والبضائع لحوادث سير مميتة، مما يشكل تراجعا خطيرا عن مبادئ السلامة الطرقية”.
التعديلات والسلامة
رضى الحسناوي، الكاتب العام للمرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، قال إن “النقابات ومنظمات المهنيين الممثلة في الحوار القطاعي مع الوزارة لم يتم إشراكها في هذه التعديلات”، مضيفا أن “ثمة ملاحظات عديدة على هذه الأخيرة، إذ إنه بموجبها ألغت الوزارة بشكل نهائي عددا من المخالفات المرتبطة بالسائق المهني، دون أن تقوم بتعويضها”.
وشرح الحسناوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “بعض الفقرات التي كانت تتضمن مخالفات جهاز قياس السرعة جرى حذفها من المادة 96 دون أن يتم تعويضها في المادة المحدثة بموجب التعديل، الحاملة رقم 101.19″، مفيدا بأنه “إذا جرت المصادقة على هذه التعديلات بهذا الشكل الذي يترك فراغا قانونيا، فأي سائق مهني بإمكانه أن يطعن في المخالفة إذا كان لا يمتلك جهازا يدويا”.
وفند المصرح نفسه “دفع الوزارة في المذكرة التقديمية لمشروع القانون بأنها عوضت سحب الرخصة عند ارتكاب مخالفة تجاوز زمن السياقة بأداء غرامة إدارية تتراوح ما بين 1500 و3000 درهم”، كاشفا أن “الأمر ينطوي في الواقع على تخفيض لهذه العقوبة، لأنها في الصيغة القائمة حاليا تجمع ما بين السحب والغرامة”، مضيفا أن “المنظمات المهنية شددت مسبقا على ضرورة تشديد العقوبات على من لا يحترمون حد أوقات السياقة”.
واستحضر في هذا الجانب أن “80 في المئة من قطاع نقل البضائع والمسافرين، غير مهيكل، ولذلك فإن التعديلات الجديدة من شأنها أن تفسح المجال بشكل أكبر للمشغلين من أجل الضغط على السائقين للتضحية بأوقات راحتهم، تحت طائلة الطرد التعسفي عند الرفض”، شارحا أن “هذا المشغل في نهاية المطاف لن يثقله دفع ثمن المخالفة، ما سيؤدي إلى مضاعفة تعرض السائق لحوادث سير تضر به وبمستعملي الطريق”.
وزاد المصرح أن “المخالفات الواردة في المادة 101.19 المتصلة بالتعب والسياقة لدى السائق المهني تفتح الباب أمام تأويلات كثيرة”.
وأكد الحسناوي أنه “جرت الإهابة بالسائقين المهنيين ومختلف الفاعلين في منظومة نقل الأشخاص والبضائع، التعليق على مشروع القانون وإبداء الرأي فيه بالموقع الرسمي للأمانة العامة للحكومة”، مضيفا: “نحن بصدد اتخاذ الخطوة التالية المتمثلة في مراسلة الأمانة العامة للحكومة من أجل مطالبتها بإرجاع التعديلات إلى الوزارة كي يتم تدراسها بشكل تشاركي يراعي مصالح جميع الأطراف”.
“تفريغ المحتوى”
من جانبه، قال عبد الرحمان اسليوة، رئيس جمعية ملتقى السائق المهني للنهوض بشؤون السائقين المهنيين في المغرب، إن “هذه التعديلات تنطوي على خطورة واضحة؛ لأنها تتصل في العمق بالسلامة الطرقية وبأرواح المواطنين”، مفيدا بأنه “أساسا في الوقت الحالي حيث هي غير سارية، يحرص المشغلون على استغلال الثغرات الموجودة من أجل الضغط على السائق للاشتغال أطول مدة ممكنة، فما بالك إذا نفذت التعديلات المذكورة”.
واستحضر اسليوة، ضمن تصريح لهسبريس، أن “معاقبة القانون في صيغته الحالية على عدم تثبيت جهاز قياس السرعة أو عدم تشغيله بعقوبة سحب الرخصة وبغرامة، فضلا عن التقديم أمام النيابة العامة، كان يردع قليلا المشغل والسائق، فيحترم هذا الأخير المدة القصوى للسياقة”.
وفي هذا الصدد، أورد المصرح نفسه أن “المادة 96 جرى إفراغها من محتواها”، مبرزا أنه في ظل التعديلات المقترحة عليها، “من الصعب أن يلتزم السائق المهني باحترام أوقات السياقة والراحة”.
وأكد أن “الإبقاء على الغرامة فقط لمعاقبة من لا يستخدمون ورقة التسجيل في المادة 101.19، يفتح الباب أمام ممارسات عدة مضرة بالسلامة الطرقية، إذ إن السائق قد يستغني عن هذه الورقة لأنه يعلم بأنه سيغرم فقط”، شارحا أن “المشغل أساسا سوف يشجعه على خرق القانون دون القلق من أداء غرامة 1500 درهم”.