دعت فعاليات مُتابِعة لشؤون الوسط التربوي بالمغرب إلى ضرورة استحضار الجانب التواصلي في تدبير أية خلافات يمكن أن تنشأ بين الأطراف التي تتدخل في إنجاح العملية التربوية، مع تشديد هذه الفعاليات على أن الخلافات “لا يتم حلّها بالعنف،؛بل بسلك مساطر إدارية قانونية”.
جاءت هذه الدعوة إثر الضجة التي أثارها “تعرّض أستاذ للضرب على يد والد تلميذ أمام باب إحدى المؤسسات؛ ممّا خلّف له كدمات على مستوى الوجه”، وفقا لما كشفت عنه المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالرحامنة بجهة مراكش آسفي، والتي أعلنت ضمن بيان لها عن “تنصيب نفسها طرفا مدنيا للدفاع عن الأستاذ وإدانتها الشديدة لمثل هذه السلوكيات”.
ودعت المديرية المذكورة الشركاء التربويين وأولياء الأمور إلى “التحلي بروح المسؤولية وسلك طرق التواصل مع مختلف المصالح عوضا عن اللجوء إلى سلوكيات غير مقبولة تُعيق سبل التعاون من أجل توفير بيئة تعليمية سليمة”؛ وهو التوجه الذي سار فيه فاعلون استحضروا “أولوية الاحتكام لعنصر التواصل”.
تفاعلا مع الموضوع، قال نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، إن “مثل هذه التشنجات بين آباء وأولياء أمور التلاميذ والأساتذة المشتغلين بالمدارس المغربية تبقى معدودة على رؤوس الأصابع؛ وهي في نهاية المطاف ممارسات مرفوضة لا مكان لها في مغرب 2025 وفي ظل الحديث عن الإصلاح”.
وحسب إفادة عكوري لهسبريس، فإن “إدارة المؤسسة التعليمية هي التي تبقى الوسيط بين الأساتذة وآباء وأولياء أمور التلاميذ والتلميذات، بمعنى أن لا حق للأب أو ولي أمر التلميذ في استفسار أستاذ عن عمله، أو بالأحرى التعامل معه بطريقة غير لائقة. وإذا كان هناك ما يستدعي ذلك فيجب أن يتم عبر إدارة المؤسسة”، مؤكدا أن “هذه الحوادث المعزولة يكون مردّها إلى ضعف التواصل بين الطرفين”.
وشدد رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب على أن “سيرورة التواصل يجب أن تكون مستمرة بين الأطراف الثلاثة، أي الإدارة التربوية بمختلف المؤسسات والأساتذة وآباء وأولياء الأمور؛ فهذا التواصل بإمكانه أن يكون تلك الوسيلة التي يمكنها أن تنهي كل الخلافات التي يمكن أن تكون مطروحة”.
وزاد المتحدث ذاته: “نؤكد على تقوية التواصل بين هذه الأطراف وأن يكون بشكل دوري، مرّةً في الشهر على سبيل المثال، بما يجعلنا نؤكد أن الخلافات يتم حلها بشكل إداري وليس من عن طريق وسيلة أخرى”، مفيدا بأن “والد تلميذ، على سبيل المثال، يمكنه أن يقوم بفعل معيّن بناء على معلومة خاطئة وصلته من ابنه أو مصدر آخر غير دقيق”.
من جهته، أكد محمد الهلالي، مدير مشاريع “جمعية أصدقاء المدارس” النشطة بعدد من الأقاليم بالمغرب، على “أولوية حل مختلف المشاكل بين الأطراف المتداخلة في إنجاح العملية التربوية، بمن فيها الأساتذة والأطر الإدارية والتلاميذ وآبائهم، عبر نافذة التواصل والحوار؛ فالخلافاتُ يجب ألا تمتد إلى خارج أسوار المؤسسات الجامعية”.
وأبرز الهلالي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “لا بديل عن تجنب مختلف المشاكل التي تنشأ في هذا الإطار من بوابة الحوار وبرعاية من المؤسسة التربوية نفسها”، موضحا أهمية “برامج يتم تنزيلها في هذا الإطار، تقوم على التحسيس والتوعية بنبذ العنف داخل المدارس وبمحيطها”.
كما تمسّك المتحدث عينه بـ”الفلسفة التي تنبني عليها مبادرة الأبواب المفتوحة، التي تقوم عدد من المدارس المغربية بإطلاقها لكل سنة؛ فهذه المبادرة تكون سبيلا للأسر للتعرف على مدى تمدرس أبنائها والإشكاليات التي يمكن أن تعترضهم”، مشددا على “أولوية بناء علاقة طيبة بين مختلف المتدخلين في العملية التربوية”.