وسط حراك درامي لا مثيل له هذا العام، تتنوع المسلسلات بين أنماط الكوميديا، الإثارة، الصعيدية والتراجيدية، حيث تجاوز عدد الأعمال المعروضة الثلاثين مسلسلًا. ولكن اللافت للنظر هو ظهور أسلوب جديد يعيد تشكيل مشهد الدراما بشكل جذري، ليشمل مسلسلات بمدة أقصر مما اعتدنا عليه، ما يعكس تحولًا كبيرًا في اتجاهات الجمهور وصناع المحتوى على حد سواء.
عودة قوية لمسلسلات الـ15 حلقة
يشير الناقد الفني أحمد سعد الدين إلى تزايد شعبية مسلسلات الـ15 حلقة، مع استحواذها خلال العام الحالي على أكثر من 50% من إجمالي الأعمال الدرامية. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل يُعزى بشكل كبير إلى تطور المنصات الرقمية التي أثرت بشدة على هيمنة الفضائيات التقليدية. وأضاف سعد الدين أن القصة ليست جديدة، حيث أن أساس الدراما منذ ظهور التلفزيون عام 1960 كان يدور حول دورات برامجية أقصر. يرى النقاد أن هذا النوع من الأعمال يتميز بسرعة الأحداث وجودة السرد الدرامي، ما يجعله أكثر توافقًا مع متطلبات الجمهور العصري.
نجاح كوميدي منتظر وأبطال على الطريق
مع انطلاقة الموسم الرمضاني هذا العام، حصد مسلسل “أشغال شاقة” إشادة واسعة، خاصة لما قدمه من كوميديا تعتمد على المواقف أكثر من الإفيهات المعتادة. يرى سعد الدين أن هذا المسلسل حقق نجاحًا ملحوظًا مقارنة بموسمه السابق، مشيرًا إلى تألق هشام ماجد ومصطفى غريب، الذي وصفه بأنه موهبة كوميدية واعدة تتجه بخطى ثابتة نحو النجومية. بينما يعزز هذا العمل مكانته على رأس قائمة الأعمال الكوميدية، فإن هناك مسلسلات أخرى لم تُحقق التوقعات المرجوة.
محمد هنيدي: خيبة أمل العام
على الجانب الآخر، شهدت الدراما الكوميدية تراجعًا في أداء بعض الأسماء الكبيرة، أبرزها الفنان محمد هنيدي. أوضح سعد الدين أن مسلسل “شهادة معاملة أطفال” لم يقدم للجمهور هنيدي الذي يعرفونه ويحبونه. كما أشار إلى أن اختيار العمل بمدة طويلة تصل إلى 30 حلقة كان أحد أسباب ضعف الأداء، مؤكدًا أن تقصير المسلسل إلى 15 حلقة ربما كان من شأنه تحسين جودته. هنيدي الذي لطالما أثار الابتسامات أثبت هذا الموسم حاجته لإعادة النظر في اختياراته المستقبلية.
تقدم ملحوظ لأكرم حسني
الفنان أكرم حسني، على العكس تمامًا، استطاع أن يُثبت نفسه هذا العام عبر مسلسل “الكابتن”، حيث أظهر تطورًا واضحًا في أدائه ورؤيته الإبداعية. اعتبر سعد الدين أن أكرم حسني قد أخذ خطوة هامة نحو الأمام بفضل تقديمه عملًا متماسكًا وناضجًا دراميًا.
هل يتكرر نجاح “جعفر العمدة” مع عمرو سعد؟
وفيما يتعلق بمسلسل “سيد الناس”، أثار البعض تساؤلات حول تشابه دور عمرو سعد مع أعمال محمد رمضان السابقة مثل “جعفر العمدة”. ويرى الناقد أحمد سعد الدين أن المخرج محمد سامي ربما أسقط عمرو سعد في فخ المقارنة مع رمضان عبر توليفة البطل الشعبي المكررة، مؤكدًا أن هذا التأثر أضر كلًا من العمل والممثل. وأضاف أن رمضان نجح في خلق بصمته الخاصة، بينما وقع سعد في دائرة التقليد دون وعي.
إطلالة غير موفقة لمي عمر
من جانب آخر، أشار سعد الدين إلى إخفاق الفنانة مي عمر في مسلسل “إش إش”، حيث ظهرت شخصيتها خالية من الإبداع ومطابقة تمامًا لأدوارها السابقة مثل “نعمة الأفوكاتو”. وأشاد بأداء ماجد المصري الذي أثبت تطورًا ملحوظًا خلال هذا العمل، مؤكدًا أن هناك إمكانيات لم تُستغل بعد لدى عدد من نجوم الدراما.
يتضح من المشهد الدرامي لهذا العام أن الصناعة تشهد تغييرات جذرية تتجاوز مجرد تقديم قصص جديدة، بل تمتد لتحليل احتياجات الجمهور وتقديم محتوى يتماشى مع طبيعته المتغيرة. التحدي الحقيقي يكمن في قدرة صُناع المحتوى والنجم على فهم هذه التحولات واستغلالها لتحقيق نجاحات مستدامة.