مع انتهاء موسم دراما رمضان لهذا العام، الذي شهد تنافسًا حافلًا بين أكثر من 35 عملاً متنوعًا بين مختلف الأنواع الفنية، من الكوميديا إلى الدراما الاجتماعية والرومانسية والغموض والفانتازيا التاريخية، كان من الضروري الوقوف على أبرز المحطات التي ميزت هذا الموسم. ومن خلال آراء عدد من النقاد، يمكن استعراض أهم الظواهر التي لفتت الأنظار وأثرت في حاضر ومستقبل الدراما المصرية.
التنوع في الموضوعات وعودة التصوير إلى الشارع المصري
أحد أبرز إيجابيات هذا العام وفقًا للناقد عصام زكريا، كانت خروج صناع العديد من الأعمال من دائرة التصوير في الكومباوندات والاستديوهات المغلقة، وانتقال الكاميرا إلى شوارع وسط البلد والأرياف والصعيد. هذا التوجه أعطى المسلسلات إحساسًا أكبر بالواقعية والمصداقية، مما ساهم في تقديم تجارب أكثر تأثيرًا وملامسة للجمهور. كما أشار زكريا إلى الجرأة في تناول موضوعات جديدة، مثل التحرش وقضايا الأيتام التي عُرضت بعمق في أعمال مثل “لام شمسية” و”ولاد الشمس”.
الأعمال القصيرة وظهور وجوه شابة
الناقدة صفاء الليثي سلّطت الضوء على قرار تقديم مسلسلات من 15 حلقة، الذي أثبت نجاحه هذا العام. هذه الخطوة ساهمت في تقديم قصص مكثفة ذات إيقاع سريع ومتطور، بعيدًا عن الإطالة المملة. كما أشادت الليثي بوجود مخرجين سينمائيين صنعوا بصماتهم الواضحة من خلال تصوير مشاهد حقيقية في مواقع متنوعة، ما أضاف أبعادًا فنية مميزة للأعمال. بالإضافة إلى ذلك، تميز هذا العام بظهور مجموعة من الوجوه الجديدة، من بينهم الطفل علي البيلي، الذي أثار إعجاب النقاد لأدائه المبهر.
ظواهر سلبية تربك المشهد الدرامي
رغم النجاحات، لم يخلُ المشهد من السلبيات. وفقًا للنقاد، كان تصوير المسلسلات في اللحظات الأخيرة وعدم اكتمال الكتابة قبل بدء التصوير من أبرز العيوب. هذه العشوائية أثرت على جودة العديد من الأعمال، حيث برزت عيوب واضحة في الكتابة والمونتاج. كما أشار النقاد إلى الاستمرار في تقديم بعض الموضوعات بطريقة سطحية أو الاعتماد على صدف غير منطقية لتحريك الأحداث، مثلما حدث في مسلسلي “ولاد الشمس” و”إخواتي”.
أداء فني متألق وأعمال أُشيد بها
على الجانب الآخر، حظي أداء عدد من النجوم بإشادة واسعة هذا الموسم. من بين الأسماء التي برزت، أمينة خليل، ريهام عبد الغفور، فتحي عبد الوهاب وأحمد مالك، الذين أثبتوا تفوقهم الفني. كما أُشيد بأداء علي قاسم وطه دسوقي، الذين باتوا من المكاسب الحقيقية لهذا العام. واعتُبر “لام شمسية” أحد أبرز الأعمال التي امتازت بالجرأة الفنية والإخراج المتميز.
الموسم بحاجة إلى تنظيم محتوى أفضل
رأى الناقد أشرف غريب أن الموسم افتقر إلى “العمل الضخم” الذي يستطيع جذب كل شرائح الجمهور أو يخلق حالة جدلية واسعة. وتعالت الأصوات المطالبة بإعادة النظر في المحتوى الدرامي المُقدّم، خصوصًا مع بروز انتقادات حول التكرار والتجارية في صناعة المسلسلات الرمضانية، ما يجعل الصناعة بحاجة إلى تخطيط أفضل يسعى لتحقيق جودة متكاملة.
أعمال مميزة وأخرى مخيبة للآمال
بينما برزت أعمال مثل “80 باكو” و”لام شمسية” كأكثر المسلسلات جذبًا للإعجاب هذا العام، كانت هناك تجارب أقل توفيقًا مثل “شباب امرأة” الذي تعرض لانتقادات لتدني مستواه على جميع الأصعدة. أشاد الناقد رامي عبد الرازق بأعمال مثل “ولاد الشمس” و”قلبى ومفتاحه” التي قدمت قضايا اجتماعية مهمة بشكل متقن. ومع ذلك، أشار إلى أن استمرار التكدس الدرامي في شهر رمضان يظل ظاهرة سلبية تحتاج إلى معالجة جادة.
موسم دراما رمضان 2025 كان حافلاً بالزخم والنجاحات، لكنه في الوقت ذاته كشف النقاب عن تحديات كبرى تحتاج إلى التغيير. من الواضح أن صناعة الدراما المصرية قادرة على النمو والتجديد، إلا أن ذلك مرهون بتجاوز الأخطاء المتكررة والتركيز على تقديم محتوى فني ملهم ومتنوع يلبي تطلعات جمهورها العريض.