تم تحديثه الأحد 2025/3/30 10:38 م بتوقيت أبوظبي
يعكس غضب الصين إزاء بيع موانئ في قناة بنما إلى تكتل شركات تقوده الولايات المتحدة، أهمية مراكز الحاويات التي أصبحت محورية في ظل تنافس بكين وواشنطن على النفوذ العالمي، كما يرى محللون.
باع تكتل الشركات من هونغ كونغ سي كي هاتشيسون هذا الشهر 43 مرفأ في 23 دولة، بما يشمل عمليات في القناة الحيوية بأمريكا الوسطى، لمجموعة بقيادة شركة بلاك روك العملاقة الأمريكية لإدارة الأصول مقابل 19 مليار دولار نقداً.
وبعد أسبوعين من الأخذ والرد، شددت بكين الجمعة لهجتها وأكدت أن هيئة تنظيم السوق التابعة للدولة ستدرس المشروع بما سيحول على الأرجح دون توقيع الاتفاق بين الطرفين في الثاني من أبريل/نيسان كما هو مقرر.
وقبل الإعلان عن دراسة المشروع قال خبراء لوكالة فرانس برس إن الاتفاق سمح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يعلن “استعادة” القناة في إطار أجندته “أمريكا أولاً”.
وقال المدير الشريك في “مجموعة آسيا” وأحد كبار الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين في هونغ كونغ إن “الولايات المتحدة (خلقت) قضية سياسة على حساب الصين ومن ثم تمكنت من إعلان النصر”.
أضاف “هذا لا يثير الارتياح في بكين”.
وتقع بعض الموانئ التي يتم بيعها في دول تشارك في “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، المشروع الضخم الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ لإقامة بنى تحتية عبر العالم.
وقال خبير القانون المختص بالتجارة في جامعة سنغافورة للإدارة هنري غاو إن المرافئ مهمة لهذا المشروع، والصين “حققت نجاحاً ملحوظاً في هذا المجال”.
وانسحبت بنما رسمياً الشهر الماضي من “مبادرة الحزام والطريق” عقب زيارة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.
وقال غاو “هناك فعلا نهج متزايد لاستخدام المرافئ والبنى التحتية للتجارة كـ(أسلحة) للضغط الجيوسياسي”.
سيناريو “كابوسي”
في الرابع من مارس/آذار أحدثت شركة سي كيه هاتشيسون صدمة في قطاع الشحن البحري الصيني بإعلانها عن صفقة “بحجم غير مسبوق”، وفقاً للباحث في تطوير الموانئ في معهد شنغهاي الدولي للشحن شيه وينكينغ.
وأوضح شيه لوكالة فرانس برس أن شركات الشحن البحري الصينية تساءلت عما إذا كان بإمكانها ضمان مرور محايد بعد انتقال ملكية الموانئ.
وأضاف “هناك مخاوف بشأن التكاليف الإضافية للسفن الصينية أو المعاملة التمييزية في ما يتعلق بطلبات الانتظار”، مشيراً إلى قدرة السلطات الأمريكية على فرض قراراتها على نطاق واسع.
ورأى مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رينمين الصينية وانغ ييوي أن الاتفاق، إلى جانب الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية، قد يقوض هيمنة الصين على قطاع التصنيع.
وأشار إلى أن “زيادة عمليات التفتيش وتكاليف الرسو الإضافية من شأنها أن تقوض القدرة التنافسية للصين وتعطل سلاسل التوريد العالمية”.
وأضاف وانغ أن الولايات المتحدة استخدمت مبررات مختلفة للتركيز مباشرة على مشاريع البنية التحتية الرئيسية في إطار مبادرة الحزام والطريق “لاستنزاف هذه الأصول وإضعاف مكانة الصين كمصنع العالم”.
وقال المدير التنفيذي لمجلس يوكوسوكا لدراسات آسيا والمحيط الهادئ جون برادفورد إن الاتفاق لن يخدم مصالح الصين، لكنه اعتبر أن بعض المخاوف “مبالغ فيها”.
تُعدّ شركات تشغيل الموانئ، مثل سي كيه هاتشيسون، كيانات تجارية محكومة بالقانون ولا يمكنها البت في مسائل السيادة الوطنية، كأن تقرر إن كان بوسع سفينة الرسو في ميناء أم لا؟
وقال برادفورد “إذا فضّل (المشغلون) شركة على أخرى بشكل واضح جدا، فسيكون ذلك عموما… غير قانوني”.
وأضاف أن “معظم الدول لديها قوانين تنص على وجوب معاملة مختلف العملاء بطريقة مماثلة، لذا فإن السيناريوهات الكابوسية ليست واقعية فعلياً”.
دور هونغ كونغ
وقد يكون للخطوات التالية التي ستتخذها بكين للتدقيق في شركة سي كي هاتشيسون آثار بعيدة المدى على هونغ كونغ ودورها كبوابة أعمال صينية إلى العالم.
وقال تونغ الدبلوماسي السابق إن “قضية موانئ بنما أعادت التركيز على مسألة ما إذا كانت هونغ كونغ مكاناً مناسباً لاستثمار الأصول أو ممارسة الأعمال التجارية”.
وأضاف “من المؤكد أن مجموعة الشركات الأجنبية العاملة في هونغ كونغ تراقب هذه القضية عن كثب”.
وشركة سي كي هاتشيسون مسجلة في جزر كايمان، وجميع الأصول المعروضة للبيع موجودة خارج الصين.
لكن ذلك لم يمنع هيئة تنظيم السوق التابعة لإدارة الدولة من الإعلان الجمعة عن مراجعة قوانين مكافحة الاحتكار.
وقال جيت دينغ الشريك الرئيسي في مكتبشركة دنتونز للمحاماة في بكين إن قوانين مكافحة الاحتكار الصينية يمكن تطبيقها خارج حدودها، على غرار قوانين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وعند استيفاء الاتفاق معايير الصين، ينبغي تقديم بلاغ حتى لو كانت الصفقة تجري في الخارج، طالما أن للأطراف المعنية عمليات واسعة النطاق في الصين القارية، وفق دينغ.
وأضاف دينغ أن الشركات التي لا تقدم بلاغا قد تُغرّم بما يصل إلى 10% من دخلها التشغيلي من العام السابق.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز هونغ هو فونغ إن بكين تجازف بإثارة مخاوف الشركات الأجنبية “الحذرة” التي خفضت بالفعل من أنشطتها التجارية في هونغ كونغ.
وأضاف فونغ أنه إذا انهار الاتفاق تحت الضغط الصيني، فقد يعتقد الناس أن هونغ كونغ تتقارب مع الصين القارية حيث “تُعدّ اعتبارات الأمن القومي ذات أهمية قصوى في أي صفقة تجارية”.