حددت دار الإفتاء المصرية قيمة زكاة الفطر لهذا العام 1446 هـ بمبلغ 35 جنيهًا كحد أدنى لكل فرد،
مع إمكانية الزيادة لمن يرغب في ذلك. وأوضحت الدار أن هذا التقدير جاء بناءً على قيمة (2.5) كيلوغرام من القمح، كونه الغالب على قوت أهل مصر.
وأشارت دار الإفتاء إلى أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا بدلاً من الحبوب، استنادًا إلى رأي الإمام أبي حنيفة، وذلك بهدف التيسير على الفقراء في تلبية احتياجاتهم المختلفة. وأكدت أن هذا الرأي هو المعتمد في الفتوى، حيث يتيح للمتصدقين تقديم المساعدة بشكل أكثر فاعلية.
موعد إخراج زكاة الفطر
بحسب ما ورد عن الفقهاء، يجوز إخراج زكاة الفطر منذ بداية شهر رمضان وحتى قبل صلاة عيد الفطر. وأوصى مفتي الجمهورية المسلمين بتعجيل إخراج الزكاة وتوجيهها إلى الفقراء والمحتاجين لضمان وصولها إليهم في الوقت المناسب.
وقد اتفقت المذاهب الفقهية على أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، سواء كان صغيرًا أم كبيرًا، ذكرًا أم أنثى، حرًا أم عبدًا، وذلك استنادًا إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة”.
مقدار زكاة الفطر وفقًا للمذاهب الفقهية
وفقًا للمذهب الحنفي، فإن زكاة الفطر تقدر بنصف صاع من القمح أو دقيقه أو زبيب، أو صاع من التمر أو الشعير. أما جمهور المالكية والشافعية والحنابلة، فقد رأوا أن مقدارها صاعٌ من أي نوع من الطعام الذي يقتاته أهل البلد. ويعادل الصاع أربعة أمداد، بينما المد هو ما يملأ اليدين المتوسطتين غير مقبوضتين، ويعادل عند الحنفية رطلين عراقيين.
أما عن وقت وجوب أداء زكاة الفطر، فقد اختلف الفقهاء؛ فبينما يرى جمهور العلماء أن تأخير إخراجها بعد غروب شمس يوم العيد دون عذر يُعد إثمًا، ذهب جمهور الحنفية إلى أن وقت الأداء موسّع، مما يجيز إخراجها في أي وقت دون اعتباره قضاءً. ومع ذلك، يُستحب إخراجها قبل الذهاب إلى المصلى.
الحكمة من فرض زكاة الفطر
ورد في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”. ومن هنا، تؤكد الحكمة من زكاة الفطر على تحقيق التكافل الاجتماعي وإغناء الفقراء في يوم العيد.
الأطعمة التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها
جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: “كنا نعطيها – يعني: زكاة الفطر – في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب” [متفق عليه]. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز إخراجها من أي نوع من الحبوب أو الثمار التي تعد قوتًا في البلد، وفقًا لقول الله تعالى: ﴿من أوسط ما تطعمون أهليكم﴾.
حكم تعجيل زكاة الفطر
اختلفت المذاهب في تحديد وقت الوجوب، إذ يرى الحنفية أن زكاة الفطر تجب بطلوع فجر يوم العيد، بينما يرى الشافعية والحنابلة أنها تجب عند غروب شمس آخر يوم من رمضان. وقد أجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل موعدها بيوم أو يومين، وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه لم يكن يرى بأسًا بذلك إذا وُجد من يتولى جمعها.
كما أجاز الشافعية تعجيل إخراجها منذ أول رمضان، باعتبار أن وجوبها متعلق بسببين: صوم رمضان والفطر منه، فإذا تحقق أحدهما جاز تقديمها.
الجهات المستحقة لزكاة الفطر
زكاة الفطر تُصرف للفقراء والمحتاجين داخل بلد المزكي، وذلك وفقًا لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: “فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طعمة للمساكين” [رواه أبو داود]. كما أشار ابن القيم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص زكاة الفطر للمحتاجين دون توزيعها على الأصناف الثمانية، مما يدل على ضرورة توجيهها للفقراء فقط.
وفي الختام، تحث دار الإفتاء المسلمين على إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدد، والحرص على إيصالها إلى مستحقيها، تحقيقًا لمقاصد الشريعة في التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع.