
تستعد مصر لاستقبال فعاليات اليوم العالمي للمسرح الذي يُعد مناسبة مميزة تُحتفى بها عالميًا في 27 مارس من كل عام. وتنطلق هذه الاحتفالية تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع قطاع الإنتاج المسرحي، مع حزمة من الفعاليات التي تسلط الضوء على الدور الريادي للمسرح في إثراء المشهد الثقافي.
احتفالية مميزة بالمقتنيات النادرة وكلمة خاصة للمسرح المصري
أعلن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عن برنامجه للاحتفاء بهذه المناسبة المرموقة. حيث سيتم فتح القاعة المتحفية التابعة للمركز أمام الجمهور، لتعرض مقتنيات نادرة تحمل عبق تاريخ المسرح المصري، كما تم تكليف الفنان القدير محمود الحديني بكتابة كلمة خاصة تعكس روح المسرح المصري في تلك المناسبة. وبهذا التقليد الجديد، تهدف الاحتفالية إلى إحياء العلاقة بين الجمهور وفن المسرح عبر تسليط الضوء على التراث الفني وأهم محطاته التاريخية.
ذكريات الزمن الجميل تُعيد الحياة إلى رواد المسرح اليوناني
في كلمته التي ستُلقى خلال الاحتفالية، استحضر الفنان محمود الحديني لحظات تاريخية شهدتها خشبات المسرح المصري، عندما أُعيد تقديم روائع المسرح اليوناني على يد عمالقة الأدب والفنون، مثل أوديب وأنتيجون وأورست وغيرهم. وقد تمثلت هذه العروض في أعمال أدبية خالدة تُرجمت وأُعدت خصيصًا للمسرح المصري، في حين أبدع فنانون مرموقون مثل أمينة رزق ومحسنة توفيق ومحمود الحديني في تجسيدها. ترتبط هذه الإبداعات بأيام التألق التي شهدها المسرح المصري بفضل جهود الدكتور ثروت عكاشة في نشر الفنون الراقية ودعم إنتاجها.
منصة لإثراء الفنون العربية والعالمية
لعبت مصر دورًا رياديًا ليس فقط في تطوير المشهد الفني المحلي، بل طال تأثيرها الساحة العربية. فمنذ تأسيس دار الأوبرا الخديوية وتاريخ أوبرا “عايدة”، كان للمسرح المصري بصمته في نشر الفنون المسرحية. حرصت الدولة على تأسيس مسارح جديدة وافتتاح معاهد متخصصة؛ كما أرسلت مصر مبدعيها إلى الدول الشقيقة لتقديم خبراتهم الغنية، ما أسهم في بناء قواعد صلبة للحركة المسرحية في تلك الدول، ليظل اسم مصر رمزًا للريادة الثقافية.
تحديات معاصرة تهدد المسرح.. فما الحل؟
في ظل ظهور الدراما التلفزيونية والمنصات الرقمية، يعاني المسرح من تراجع أعداد الجمهور الذي طالما كان العمود الفقري لنجاح العروض المسرحية. هذه الظاهرة ليست مقتصرة على مصر وحدها، بل تمتد إلى المشهد العالمي. ومع ذلك، لا تزال الجهود مستمرة لإعادة الجمهور من خلال تطوير العروض المسرحية، وتجديد المسارح، وإنشاء قصور الثقافة التي تدعم المواهب الواعدة. بالإضافة إلى ذلك، تُفتح أبواب الأكاديميات الفنية لاستقبال الطلاب المصريين والعرب، لنقل الخبرات والإسهام في إحياء الفنون الجادة.
المسرح.. فن لا يُهزم رغم التحديات
إن مسيرة المسرح المصري وارتباطه بالجمهور لم ولن تكون سهلة، لكن بفضل الدعم المستمر من الدولة والجهود المبذولة، يظل المسرح المصري حاضنًا للفكر والإبداع، بل ويعمل على الانتصار على كافة الصعوبات التي تعترض طريقه. وبينما ننظر إلى المستقبل، تظل الخطوة الأولى لاستعادة تألقه مرهونة بالتركيز على تقديم عروض متفردة وكفيلة بجذب الجماهير، ليبقى المسرح منارة للإبداع والتنوير.