بيتهوفن: قصة عبقري الموسيقى الذي انتصر على الصمم وغيّر مسار الفن للأبد

بيتهوفن: قصة عبقري الموسيقى الذي انتصر على الصمم وغيّر مسار الفن للأبد

يصادف اليوم ذكرى وفاة لودفيج فان بيتهوفن، الموسيقار الألماني الأسطوري الذي تحدى الصعاب ليصبح أحد أعظم المؤلفين الموسيقيين في التاريخ. لم يكن بيتهوفن مجرد عبقري في التأليف الموسيقي، بل كان نموذجًا حيًا للإصرار والتغلب على المعوقات، حيث صنع بإبداعه موسيقى خالدة رغم فقدانه التدريجي لحاسة السمع وصولًا إلى الصمم الكامل.

بداية معاناة بيتهوفن مع فقدان السمع

بدأت معاناة بيتهوفن مع ضعف السمع في أواخر عشرينياته، عندما لاحظ صعوبة في سماع الأصوات الخافتة بالإضافة إلى طنين مزعج في أذنيه. مع تزايد حدة المشكلة بمرور الوقت، دخل في دوامة من الإحباط واليأس، إذ كان فقدان السمع بالنسبة له صدمة كبيرة تهدد حياته المهنية كموسيقار. في عام 1802، كتب “وصية هيليغنشتات”، وهي رسالة مؤثرة عبّر فيها عن إحباطه الشديد ووصوله إلى حافة التفكير في إنهاء حياته، لكنه قرر مواصلة الطريق مكرسًا حياته للفن والموسيقى.

أساليب غير تقليدية وعبقرية في مواجهة الإعاقة

بدلًا من أن يستسلم لإعاقته، ابتكر بيتهوفن طرقًا مبتكرة للتعامل مع مرضه ومواصلة مسيرته الموسيقية. إحدى هذه الطرق كانت استخدام عصا خشبية يثبتها بين أسنانه ويضع طرفها الآخر على البيانو ليشعر باهتزازات الصوت. كما استعان أيضًا بما يعرف بـ”دفاتر المحادثات”، حيث كان الأشخاص يكتبون له رسائل ليساعدوه على التواصل في ظل عدم قدرته على السمع. ورغم فقدانه الكامل للسمع بحلول عام 1814، استطاع بيتهوفن تأليف أهم وأشهر أعماله الموسيقية التي تميزت بجرأة وتفرد غير مسبوقين، وكانت السيمفونية التاسعة مثالًا بارزًا على ذلك، حيث أصبحت عنوانًا للأمل والانتقال من الألم إلى الانتصار.

السيمفونية التاسعة: إبداع رغم الصمم الكامل

تُعد السيمفونية التاسعة لبيتهوفن ذروة إبداعاته الموسيقية، والتي تجاوزت فيها قدراته حدود الإعاقة. عُرضت هذه السيمفونية لأول مرة عام 1824 وسط تصفيق جماهيري حار، إلا أن المفارقة المؤثرة تمثلت في أن بيتهوفن لم يتمكن من سماع هذا التصفيق. كان أحد الموسيقيين المتواجدين على خشبة المسرح هو من أشار له بحماس الجمهور ليعي استقباله الحافل.

إرث بيتهوفن وتأثيره الاستثنائي في عالم الموسيقى

لم يكن فقدان السمع نهاية لمسيرة بيتهوفن، بل شكل حافزًا له للدخول في مرحلة إبداعية جديدة غيّرت شكل الموسيقى الكلاسيكية ومهدت الطريق للعصر الرومانسي. ألحانه القوية وموسيقاه العميقة لم تكن مجرد فن، بل حملت رسائل تعبر عن قوة الانتصار على المعاناة، مما جعل أثره باقيًا حتى اليوم، وأعماله مصدر إلهام للملايين حول العالم في مواجهة التحديات.

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.