لماذا أخفى الله موعد ليلة القدر؟ د. محمود الهواري يوضح أسرارها وأهم فضائل العشر الأواخر من رمضان
في نفحات العشر الأواخر من رمضان، فرصة عظيمة للتقرب من الله عز وجل. نجد بعض الناس يغفلون عن قيمة هذه الليالي المباركة التي تحمل بين طياتها أبواب الرحمة والمغفرة، فكثيرون يضيعونها فيما لا ينفعهم، فيُحرمون من تسجيل أسمائهم بين العابدين والمقربين.
<h2>العشر الأواخر وصناعة الطاعة</h2>كان النبي ﷺ في هذه الأيام يضاعف عبادته ويرفع من وتيرتها، حيث تذكر السيدة عائشة رضي الله عنها: أن النبي إذا دخلت العشر الأواخر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. يدل ذلك على الاستعداد الخاص لتلك الليالي التي يُتحرّى فيها الخير والفضل، ففيها ليلة القدر العظيمة التي تمثل قمة البركة والنعمة من الله.
<h2>تميز وفضل ليلة القدر</h2>ليلة القدر، التي وصفها الله بأنها خير من ألف شهر، هي واحدة من أهم عطايا العشر الأواخر. فيها تفرق الأرزاق والآجال وسائر المقدرات لسنة كاملة، ما يجعلها محطة عظيمة للتوجه القلبي الكامل لله. في هذه الليلة تتنزل الملائكة بالرحمة والسكينة والهدوء على العابدين، وتظل الأرض في حالة من السكينة حتى مطلع الفجر.
<h2>سعي المؤمن لاستدراك ليلة القدر</h2>تحرّي ليلة القدر، كما أوصى النبي ﷺ، يكون في الليالي الوترية من العشر الأواخر. وقد أخفاها الله عن العباد ليجتهدوا في العبادة طيلة هذه الليالي المباركة. هذا الإخفاء اختبار ونعمة في آنٍ واحد، إذ ينشط الجادون في العبادة ويُميزون عن المتقاعسين.
من الرائع أيضًا إدراك أنها ليست متوقفة عند ليلة معينة، بل تختلف موعدها سنويًا، مما يدفع للاجتهاد المستمر في جميع الليالي. وهنا يظهر الدرس الجوهري: لا ينبغي للعباد أن يتوانوا يومًا عن السعي للتقرب إلى الله.
<h2>الاعتكاف.. الخلوة الربانية</h2>سنة الاعتكاف هي جانب آخر من عظمة هذه الليالي، إذ كان النبي ﷺ يعتكف في المساجد متفرغًا للعبادة والذِكر، مظهرًا كيفية الاستفادة القصوى من وقت قصير تتحقق فيه خيرات عظيمة. متابعة هذه السنة تنطوي على الفوائد الروحية والنفسية، لأنها تسمح للمسلم بالتفرغ للتقرب من الله ومراجعة النفس بعيدًا عن مشاغل الحياة.
<h2>زكاة الفطر.. عبادة برائحة التكافل</h2>من العلامات البارزة للعشر الأواخر، زكاة الفطر، التي تجمع بين تطهير الصائم من اللغو الذي يمكن أن يقع فيه خلال الشهر، وإطعام المحتاجين. كانت تلك الزكاة أحد أهم مظاهر الرحمة والتكافل الاجتماعي في رمضان، إذ يشعر الغني بالفقراء ويمد يده إليهم.
<h2>وصايا ذهبية.. روح جديدة للعشر الأواخر</h2>لعيش العشر الأواخر بروحانية تختلف عن بقية الأيام، تبرز نصائح عملية تتخلل الحياة اليوميةوتسهم في الارتقاء بها. الصلاة في أول وقتها وفي جماعة، ختم القرآن، الحرص على الصدقة اليومية ولو بالقليل، حفاظًا على التوازن بين العبادة والمسؤولية الاجتماعية. ولا ننسى صلة الرحم، الدعاء والاستغفار، وتنقية القلوب من الشحناء بغرض جلب السلام الداخلي والخارجي.
<h2>الدعاء ختام النفحات</h2>في هذه الأيام الأخيرة من شهر الرحمة، اللهم اكتب لنا الأمن والأمان، وأعتق رقابنا من النار، وأخرجنا من رمضان مغفورًا لنا ذنوبنا ومقبولة أعمالنا. فمن يجتهد فيها ينال الخير كله، ومن يُقصّر يضيع فرصة العمر.