مفتي الجمهورية: الرخص الشرعية جوهر الشريعة وتجسيد لرحمة الله

تعد الشريعة الإسلامية نموذجًا فريدًا في تحقيق التوازن بين التشريع والرحمة، إذ تتجلى معاني الشفقة والتيسير في مختلف أحكامها، مما يؤكد أنها دين يسر، لا عسر، جاء لرفع المشقة وتخفيف الأعباء عن الأفراد في جميع جوانب حياتهم الدينية والدنيوية. هذا ما أوضحه الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال حديث رمضاني عبر قناتَي DMC والناس الفضائيتين.

تجسيد قيم الرحمة والتخفيف من خلال النصوص

استشهد الدكتور نظير عياد بمجموعة من الآيات الكريمة التي تعكس ملامح التيسير في الإسلام، منها قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، بالإضافة إلى قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، إلى جانب الأحاديث النبوية التي أكدت هذا المعنى، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا». وأوضح أن هذه النصوص تستعرض عناية الإسلام بمراعاة أحوال المكلفين وظروفهم دون تحميلهم ما لا يطيقون.

اقرأ أيضًا: تفعيل الكود المصري.. «بحوث الإسكان»: تصميم المباني والفراغات لتناسب ذوي الهمم

النبي القدوة: مراعاة الأحوال الإنسانية

ذكر الدكتور عياد مواقف نبوية تجسد معالم الرحمة في تطبيق الأحكام الشرعية، منها ما رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم، عندما رأى شيخًا كبيرًا يمشي متكئًا بين ابنيه لصيامه فقال له: «إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني». كما أشار إلى تعامل النبي مع صلاة التراويح، حيث صلاها بالناس جماعة لعدة ليالٍ، ثم امتنع عن الخروج خشية أن تُفرض عليهم فيعجزوا عن أدائها، قائلاً: «قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها».

الشريعة الإسلامية بين رفع الحرج وتحقيق المقاصد

أكد الدكتور عياد أن الشريعة الإسلامية تمتاز بمرونتها وسماحتها، فقد جاءت لإزالة المشقة وتنظيم حياة الناس دون تجاوز طاقتهم. واستشهد بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، كما أشار إلى مجموعة من القواعد الفقهية الكبرى التي ترتكز على مبدأ التيسير، ومنها: “المشقة تجلب التيسير”، و”اليقين لا يزول بالشك”، مما يعكس حرص الشريعة على تحقيق مصالح الناس ودرء المفاسد.

اقرأ أيضًا: أخبار مصر | شيخ الأزهر: تكليف الدكتورة سحر نصر أمينًا عامًا لبيت الزكاة والصدقات

الرخص الشرعية: مظاهر عملية للتيسير

تحدث الدكتور عياد عن نماذج عملية للتخفيف في الشريعة، ومنها إسقاط بعض الفروض الشرعية عن غير القادرين مثل رفع الصلاة عن الحائض والنفساء، وتشريع القصر في الصلاة الرباعية خلال السفر، وإباحة التيمم عند انعدام الماء أو تعذر استخدامه. كما أشار إلى رخصة الإباحة عند الضرورات كجواز أكل الميتة أو شرب الخمر لإنقاذ النفس من الهلاك، وهو ما يعبر عن انسجام الشريعة مع مختلف الظروف الإنسانية.

الإسلام دين يسر لا مشقة

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور عياد على أن الشريعة الإسلامية تجسد الرحمة الإلهية في التعامل مع الإنسان في جميع أحواله، سواء في المرض أو السفر أو الفقر أو النسيان أو الضرورة، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. ودعا إلى تعميق الوعي بقيم الدين السمحة والابتعاد عن الغلو والتشدد، سائلاً الله أن يرزق الأمة الفقه في الدين ويجعلها مثالًا للوسطية والاعتدال.

اقرأ أيضًا: الفريق أسامة ربيع: نجاح التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس بالبحيرات المرة

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.