تعتبر ليلة القدر واحدة من أعظم المناسبات الروحانية في الإسلام، حيث تنزل فيها البركات وتجتمع فيها مظاهر الرحمة والمغفرة. ذكر الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن هذه الليلة وصفها الله بأنها “مباركة”، كما أشار إلى ذلك في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}، مما يدل على مكانتها الخاصة في الدين الإسلامي.
القيمة العظيمة لليلة القدر
تتميز هذه الليلة عن سائر الليالي بأنها “خير من ألف شهر”، وهي إشارة واضحة إلى أهميتها التي لا يمكن مقارنتها بأي وقت آخر. في لقاء رمضاني جمع بين الدكتور نظير عياد والإعلامي حمدي رزق في برنامج “اسأل المفتي” المُذاع على فضائية صدى البلد، أوضح المفتي أن ليلة القدر ليست مجرد ذكرى أو وقت عابر، بل هي محطة يتعين على المسلم أن يستثمرها في التقرب إلى الله بشكل خاص من خلال العبادة والدعاء.
سر البركة في ليلة القدر
أبرز ما يمنح لهذه الليلة عظمتها وبركتها هو نزول القرآن الكريم، حيث شكل هذا الحدث منعطفًا جوهريًا في تاريخ البشرية. وأوضح المفتي أن القرآن الكريم نجح في نقل البشرية من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن دهاليز الفساد إلى قِيم الإصلاح والعدالة، فأضحى نورًا يهتدي به الملايين ووسيلة لإقامة القيم النبيلة بين الناس.
فرصة ثمينة للتوبة والمغفرة
تتجلى معاني الرحمة والمغفرة في ليلة القدر، مما يجعلها فرصة ذهبية لمن أراد التوبة والعودة إلى الله. أشار المفتي إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان بحثًا عن فضل هذه الليلة، موصيًا بالإكثار من الذكر وقراءة القرآن والقيام وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله، فكل هذه الأعمال تضاعف الأجر وتسهم في التقرب إلى الله.
علامات ليلة القدر في السُّنة النبوية
تحدث الدكتور نظير عياد عن العلامات التي دلّت عليها السُّنة النبوية، ومنها صفاء السماء وسكون الرياح، والشعور بالسكينة والطمأنينة في القلب، بالإضافة إلى شروق شمس اليوم التالي دون أشعة متوهجة. وحذّر من الخرافات والمعتقدات الخاطئة التي تنتشر حول سماع أصوات معينة أو مشاهدة أنوار خاصة، مؤكدًا أن هذه الادعاءات ليست ثابتة شرعًا.
البحث عنها في الليالي الوترية
حث المفتي المسلمين على الاجتهاد في الليالي العشر الأخيرة، خاصة الليالي الوترية منها، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». وأكد أن اغتنام هذه الفرصة من خلال الأعمال الصالحة يمكن أن يكون سببًا في الحصول على البركة والمغفرة، داعيًا إلى عدم إضاعة هذه الليلة لما تحمله من خيرات عظيمة.
في ختام كلماته، دعا الدكتور نظير عياد الله أن يمنح المسلمين البركة والرحمة، وأن يتقبل من الجميع عباداتهم وأعمالهم في هذه الليلة المباركة، مؤكّدًا أن من وُفق لقيام ليلة القدر بإخلاص نال خيرًا عظيمًا ورسم دربًا جديدًا لعام مليء بالبركات والمسرات.