
تشهد الدورات الرمضانية في مصر تحولاً كبيرًا، إذ أصبحت منصات تبهر الجماهير وتكشف عن مواهب كروية فريدة، بعيدًا عن أضواء المباريات الرسمية. في إحدى قرى محافظة الشرقية، وعلى مدار السنوات، تستمر تلك الدورات في جذب المتابعين بأهدافها المذهلة وأجوائها المميزة.
أهداف مذهلة تلفت الأنظار
أسرت دورة رمضانية في قرية مصرية عشاق كرة القدم بعد تسجيل لاعب مغمور يُدعى تهامي سعيد هدفًا مذهلاً بطريقة “رابونا”، مستخدمًا قدميه بمهارة استثنائية ليسدد الكرة في المرمى وسط دهشة الجماهير. هذا الهدف لم يتوقف صداه عند حدود القرية، بل انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح التهامي حديث الساعة بين محبي اللعبة.
سعيد، الذي يملك تاريخًا قصيرًا في قطاع الناشئين بالنادي الإسماعيلي ومر عبر بوابة الزمالك والبنك الأهلي، أصبح موضع بحث واسع بين متابعي كرة القدم. وفجأة، عاد الحديث مجددًا عن دور الدورات الرمضانية في الكشف عن مواهب تمثل “كنوزًا مدفونة”.
الدورات الرمضانية: مساحة لتألق النجوم
الدورات الرمضانية ليست فقط وسيلة للتسلية، لكنها تحولت على مر السنين إلى مناطق خصبة لاكتشاف النجوم الجدد. تركت الملاعب الشعبية بصمتها في مسيرة عدد من أعظم لاعبي الكرة المصرية، مثل أحمد الكاس ورضا عبد العال. لم تعد هذه الدورات مقتصرة على لعب الكرة “الشراب”، بل باتت تنظم بشكل شبه احترافي، مع إدخال حكام معتمدين، وبث المباريات عبر الإنترنت، بل وحتى استخدام بعض التقنيات الحديثة مثل تقنية الفيديو (فار).
مع كل مباراة، تجذب هذه البطولات آلاف الجماهير، ونجحت في تجاوز المباريات الرسمية بما تقدمه من أداء ممتع ومهارات استثنائية. حتى أن البعض قارن أدائها بمستوى أكبر الأندية المصرية مثل الأهلي والزمالك، مما يثير تساؤلات حول مستقبل تلك المواهب.
غياب الكشافين: خسارة للمواهب
رغم التألق الكبير والمواهب الملفتة التي تنتجها تلك البطولات، هناك عائق أساسي يقف في طريق احترافهم، وهو غياب “الكشافين” المتابعين لتلك الدورات. وفقًا للناقد الرياضي أشرف محمود، فإن الكثير من هذه المواهب تُهدر بسبب انعدام الاهتمام من الأندية وضعف التوجيه الفني، فضلاً عن الظروف الاقتصادية التي تجبر اللاعبين على اختيار وظائف تمنحهم دخلاً ثابتًا بدلاً من المخاطرة بالاحتراف الرياضي.
الهواة الذين يعيدون تشكيل الهوية الكروية المحلية يجدون في مثل هذه المنافسات الشعبية فرصة لتقديم أنفسهم بأفضل صورة، لكن قلة الدعم الاحترافي تحرمهم من إظهار كامل إمكاناتهم.
بديل للأكاديميات أم شغف عابر؟
في حين يرى البعض أن هذه الدورات يمكن أن تكون منصة بديلة للأكاديميات الكروية، يرى المختصون أن هناك قيودًا تقف حاجزًا أمام تحقيق ذلك. فالدورات الرمضانية تُقام لفترة محدودة دون أي إعداد بدني أو فني منظم، كما تفتقر غالبية الفرق المشاركة إلى المدربين والتوجيه الفني. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تقدم نماذج لمهارات كروية خام يمكن أن تصقل لو أتيحت لها فرصة التدريب المهني.
الدورات الرمضانية تمثل ظاهرة رياضية واجتماعية تبرز جوانب مختلفة من الثقافة الكروية المصرية. وبينما يواصل عشاق كرة القدم تداول الأهداف المذهلة وذكريات الملاعب الشعبية، تظل تلك الدورات حلمًا لكثيرين يتطلعون إلى أن تؤهلهم هذه اللحظات لتحقيق النجومية يومًا ما.