في حلقة جديدة من برنامج “حديث المفتي”، استعرض مفتي الديار المصرية رؤية الإسلام لنظم الحكم، مؤكدًا أن الدين الإسلامي يعطي مساحة واسعة للاجتهاد فيما يتعلق بالنظام السياسي، وأن النبي محمد ﷺ لم يُلزم الأمة بنموذج حكم واحد بعينه بعد وفاته، بل ترك الأمر متروكًا لتقدير كل عصر وفقًا لما يحقق المصلحة العامة للأمة.
تنوع نظم اختيار الخلفاء الراشدين
أكد المفتي أن طريقة اختيار الخلفاء الراشدين كانت مثالا حيًا للتنوع في تطبيق نظم الحكم، حيث اختلفت الآليات والطرق بحسب مقتضيات كل فترة. يبرهن هذا على أن الإسلام لم يقدم شكلًا جامدًا للسلطة السياسية، بل اهتم بتحقيق المصلحة العليا للأمة. هذا التنوع يعكس فلسفة الإسلام المرنة في التعامل مع الحكم، حيث لم تتضمن نصوص القرآن الكريم أو السنة النبوية أي إلزام بنمط نظام سياسي محدد وثابت.
قيم أساسية تحقق مقاصد الشريعة
وأوضح مفتي الديار أن غياب النصوص القطعية لفرض نموذج سياسي معين يؤكد أن الإسلام يسعى لتحقيق القيم الأساسية الجوهرية، كتحقيق العدل، وأداء الأمانات، وصيانة الحقوق، وضمان الحريات، وهو ما يُعتبر الإطار المثالي لأي نظام سياسي. وأضاف أنه في العصر الحديث، فإن الدولة الوطنية التي تلتزم بمبادئ العدالة والمساواة يمكن اعتبارها امتدادًا مشروعًا لنظم الحكم الإسلامي، طالما تحقق هذه الدولة مقاصد الشريعة وتحفظ حقوق المواطنين.
تجاوز الجمود الفكري
دعا المفتي إلى التخلي عن النظرة التاريخية الضيقة التي تربط مفهوم الخلافة بنموذج شكلي ثابت، مشددًا على أن الإسلام يهتم بجوهر الحكم وأهدافه العليا، وليس بطبيعته الشكلية. كما حث على التركيز على تطبيق روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها التي تسعى لتحقيق الصلاح للأفراد والمجتمع، مشيرًا إلى أن المرونة الفكرية في تفسير الإسلام السياسي تؤدي إلى نهضة الأمة وتسهم في تحقيق استقرارها.