في حوار مثير تناول الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، قضايا جوهرية تمس طبيعة الوحي الإلهي والمعجزات التي دعمته عبر العصور، مشيرًا إلى أبعاد إيمانية وروحية ترتبط بالقرآن الكريم وتفرده. تحدّث جمعة في بودكاست “مع نور الدين”، على قناة “الناس”، عن مكانة الوحي الإلهي ودوره في تأكيد رسالة الأنبياء.
المعجزات ووظيفتها في تصديق الوحي
أوضح الدكتور علي جمعة أن المعجزات كانت الوسيلة التي لجأ إليها الوحي لتأكيد صدق الرسالة السماوية، مشيرًا إلى أن البشر في العصور القديمة احتاجوا إلى أدلة مادية ملموسة تثبت أن الأنبياء مرسلون من عند الله. المُعجزات أوجدت يقينًا في نفوس الناس وعززت الإيمان برسالة ربانية تتواءم مع المنظومة الأخلاقية الفطرية التي لا تقبل الكذب أو الإفساد في الأرض.
رسالة الأنبياء وارتباطها بالأخلاق الفطرية
أكد جمعة أن جميع الأنبياء حملوا رسالة تتفق مع القيم الأخلاقية والفطرة السليمة، ما جعل الوحي مقبولًا لدى البشر. وأشار إلى أهمية الالتزام بالنظام الإلهي الذي يدعو إلى المحبة والإصلاح وعدم الخروج عن المبادئ الأخلاقية، موضحًا أن أي دعوة لا تحمل هذه القيم لا يمكن أن تكون حقًا، بغض النظر عن الخوارق التي قد تدّعيها.
تفرّد النص القرآني وسر تعلق المسلمين به
استطرد جمعة في حديثه عن القرآن الكريم ووصف تجربة المسلمين معه بأنها تجربة استثنائية. فالقرآن ليس مجرد كتاب مكتوب باللغة العربية، بل هو نص مقدس متفرّد، إذ أن غير الناطقين بالعربية يستطيعون حفظه عن ظهر قلب، على الرغم من عدم معرفتهم العميقة باللغة. وأكّد أن هناك محاولات تاريخية لتقليد القرآن، مثل محاولة أبي العلاء المعري في كتابه “الفصول والغايات”، لكنها باءت بالفشل لأنها لم تستطع أن تضاهي النص القرآني في جماله وجلاله.
التأثير الروحي للقرآن على تلاوته وحفظه
تحدّث جمعة عن ظاهرة فريدة تتمثل في التحسن التدريجي لتلاوة القرآن الكريم بمجرد الاستمرارية في قراءته، حتى دون دراسة قواعد التجويد بشكل نظري. هذا التفاعل الروحي العميق بين الإنسان والنص القرآني هو ما يعكس إعجازه وأثره الفريد.
القرآن نور خالد عبر العصور
اختتم جمعة حديثه بالتأكيد على أن القرآن ليس مجرد كلمات مكتوبة في كتاب، بل هو نور وهداية للبشرية، يظل متجددًا في تأثيره عبر كل العصور، وهو ما يجعله يتفوق على أي نص بشري آخر مهما بلغ من البلاغة والفصاحة، مؤكدًا أن إعجاز القرآن يكمن في تأثيره العميق على القلوب والعقول على حد سواء.
الحديث عن الوحي الإلهي ووظائفه عبر العصور يتجاوز حدود العلم ليشمل أبعادًا روحية وعميقة، وهو ما استعرضه الدكتور علي جمعة بأسلوب يجذب القلوب ويضيء العقول، ليؤكد أن القرآن الكريم سيبقى شاهدًا على عظمة الرسالة السماوية.