تشير التفسيرات الفقهية وآراء العلماء إلى مفاهيم عميقة حول قضايا التكافل الاجتماعي ودورها في تحقيق التعايش السلمي بين الأفراد داخل المجتمع. فتوضيح العلاقة بين الزكاة وأصحاب الديانات الأخرى يبرز قيم الإسلام السامية في العدالة والرحمة نحو الجميع، دون تمييز على أساس الدين أو الهوية، وهو ما أشار إليه الإمام الرازي وغيره من العلماء في مؤلفاتهم.
الفقراء والمساكين لم يُخصصوا بدين معين
أكد عبد الرحمن، خلال حديثه في برنامج “قضايا المسلمين حول العالم” المذاع على قناة “الناس”، أن تفسير الإمام الرازي قدم رؤية شاملة تؤكد أن لفظ “للفقراء والمساكين” يشمل جميع الفقراء، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. وأضاف أن بعض الفقهاء نصّوا بوضوح على بطلان تخصيص الزكاة للمسلمين فقط، مثل العلامة الأسنوي، الذي أشار إلى وجوب تحقيق التكامل والرحمة مع غير المسلمين من خلال تقديم الدعم والمساعدة لهم عند الحاجة.
مواقف الصحابة والتابعين في دعم المحتاجين
خلال مناقشة القضية، أشار الدكتور عبد الرحمن إلى الآراء المشهورة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث تبنّى هذا النهج الإنساني عدد من التابعين والعلماء، بما في ذلك محمد بن سيرين، والزهري، وجابر بن زيد، وإكرمة، وابن شبرمة، وحتى الإمام زفر من أصحاب المذهب الحنفي. جميعهم أكدوا على أهمية العدل مع المختلفين في الدين، وهو مبدأ يعزز من استقرار المجتمعات المتعددة الثقافات.
سياسة الدولة الإسلامية ودورها في نشر قيم التعايش
أوضح عبد الرحمن أن هذه المواقف الفقهية ليست فلسفات نظرية فقط، بل تمثل ممارسات عملية طبقتها الدولة الإسلامية على مر العصور. واستشهد بواقعة روى فيها الإمام السرخسي أنه عندما رأى عمر بن الخطاب شيخًا من أهل الذمة يشكو الفقر، قال بحزم: “ما أنصفنا، أخذنا منه في حال قوته ولم نرد عليه في حال ضعفه” ومنح الرجل حصة من بيت المال، في مشهد يعكس أسمى معاني العدالة الاجتماعية.
دعم الأقارب أولى في الزكاة
شدد الدكتور عبد الرحمن في حديثه على أهمية إعطاء الأولوية للأقارب عند توزيع الزكاة، مستشهدًا بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “أرى أن تجعلها في الأقربين”، وهو توجيه نبوي يكرّس معاني التكافل الاجتماعي داخل العائلات والمجتمعات. ودعا إلى ضرورة التأمل في مقاصد الشريعة الإسلامية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف المعاناة عن المحتاجين.
بذلك، تبقى هذه المفاهيم والدروس الأساسية نداءً دائمًا للمسلمين لتجسد القيم الإسلامية النبيلة في حياتهم اليومية، بما يعزز التعاون والتعايش السلمي.