صلاة التسابيح واحدة من السنن التي أثارت جدلاً بين العلماء والفقهاء حول مدى صحة روايتها وثباتها عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في هذا السياق، أكد أحد العلماء الأزهريين أن حديث صلاة التسابيح يُعد حديثًا ثابتًا، وقد تم روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر عدد من المصادر مثل أبي داود وابن ماجه وغيرهم، مما يجعله محتلاً مكانة هامة في التقاليد الإسلامية.
ما هي صلاة التسابيح وكيف تؤدى؟
صلاة التسابيح تُعتبر نوعًا مميزًا من الصلوات التي تحمل في طياتها عشر خصال تعود جميعها بالنفع على المؤمن وتغفر له ذنوبه. وقد ورد الحديث عن هذه الصلاة حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطلب: “يا عباس، يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبّوك، ألا أفعل بك عشر خصال؟”. وفي نص الحديث يفصل النبي وصفة هذا النوع الخاص من الصلاة المكون من أربع ركعات موزعة بتسبيحات معينة في مختلف أركان الصلاة.
تبدأ الركعة بقراءة الفاتحة وسورة قصيرة، يلي ذلك قول “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” خمس عشرة مرة أثناء القيام. ثم يُكرر التسبيح عشر مرات عند كل خطوة من خطوات الركعة: في الركوع، وعند القيام من الركوع، وأثناء السجود الأول، وبعد الجلوس من السجود، وحتى في السجدة الثانية، مما يجعلها صيغة متميزة للذكر والخشوع في آن واحد.
كم مرة تؤدى صلاة التسابيح؟
وفقًا للحديث النبوي، ينصح المسلم بأداء هذه الصلاة بشكل مستمر قدر الإمكان إذا استطاع، فتُؤدى يوميًا مرة واحدة. وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، يمكن للمؤمن أن يؤديها مرة واحدة في كل أسبوع. وإذا تعذر الأمر، فالبديل هو أداؤها مرة في الشهر. وفي حال كان أداؤها نادرًا، فالأقل هو أداؤها مرة واحدة في السنة أو حتى مرة واحدة في العمر، بحيث لا تفوت المسلم فرصة اجتياز هذا الثواب الكبير والغفران.
تفسير العلماء لنص الحديث وأهميته
لم تُترك صلاة التسابيح دون تفسير أو شرح، بل تناول علماء الحديث والفقه جوانبها بالتفصيل. ومن أبرز النقاط التي وردت في شرح العلماء، التوكيد على أن هذه الصلاة تشتمل على ذكر نوعي يغطي مختلف الخطايا. كلمة “عشر خصال” ذات دلالة عميقة، حيث تشير إلى جميع أنواع الذنوب سواء كانت صغائر أو كبائر، قديمة أو حديثة، علنية أو سرّية.
وفي شرح الروايات، أشار العلماء إلى أن هذه الصلاة تجمع بين تسبيحات متعددة مرتبطة بكل ركن من أركانها، مما يجعلها فريدة ومميزة. ويؤكد الفقهاء أن الهدف الأساسي هو تعزيز صلة العبد بربه وتجديد روحه الإيمانية.
هل صلاة التسابيح فرض أم نافلة؟
على الرغم من ثبوت صحتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن صلاة التسابيح تُعد من النوافل وليست من الفرائض، مما يعني أنها عبادة مستحبة وليست واجبة. هكذا، يمكن للمسلم أن يؤديها بقدر استطاعته، مع مراعاة أن الهدف الأسمى منها هو إدخال الراحة على قلب المؤمن وزيادة رصيد حسناته.
تلخص صلاة التسابيح قيم التسبيح والعبادة الخالصة لله، وتشجع المسلم على استثمار وقته للطاعات والاقتراب من ربه في كل لحظة من حياته الروحية.