
في 15 مارس 1922، شهدت مصر تحولًا سياسيًا بارزًا، حيث أعلن الملك فؤاد الأول تحويل نظام الحكم من سلطنة إلى مملكة، ليصبح أول ملك لمصر الحديثة. جاء هذا القرار بعد أسابيع فقط من تصريح 28 فبراير الذي أعلنت فيه بريطانيا إنهاء حمايتها عن مصر، مع الاحتفاظ ببعض التحفظات التي ضمنت استمرار نفوذها في البلاد. هذه الخطوة أعادت تشكيل المشهد السياسي المصري، وفتحت فصلًا جديدًا في تاريخ البلاد.
### من السلطنة إلى المملكة: خلفية تاريخية
قبل إعلان المملكة، كانت مصر تحمل لقب “السلطنة”، وهو اللقب الذي اتخذه السلطان حسين كامل عام 1914 بعد فرض الحماية البريطانية على البلاد. وبعد وفاته، تولى السلطان فؤاد الحكم عام 1917، وفي ظل استمرار النفوذ البريطاني، رأى فؤاد في تصريح فبراير 1922 فرصة ذهبية لإعادة تشكيل النظام السياسي وتحويله إلى نظام ملكي، مما يعزز مكانته ويضمن له اعترافًا دوليًا أكبر.
### أهداف التحول إلى النظام الملكي
سعى الملك فؤاد من خلال هذا التغيير إلى تحقيق عدة أهداف؛ أولها ترسيخ سلطته عبر لقب “ملك” الذي يعطي هيبة سياسية أكبر مقارنة بلقب “سلطان”. كما كان الهدف إضفاء طابع الاستقلال على النظام المصري، رغم استمرار النفوذ البريطاني في قضايا مثل الجيش وقناة السويس. بالإضافة إلى ذلك، حاول فؤاد الحد من نفوذ الحركة الوطنية بزعامة سعد زغلول وحزب الوفد، عن طريق فرض نظام ملكي يمنحه صلاحيات واسعة.
### إعلان المملكة المصرية ودستور 1923
في 15 مارس 1922، أعلن الملك فؤاد رسميًا تغيير لقب مصر من “سلطنة” إلى “مملكة”. وفي العام التالي، صدر دستور 1923، الذي منح الملك سلطات واسعة، ورسّخ نظامًا ملكيًا دستوريًا يسمح بوجود برلمان منتخب. إلا أن هذا الدستور أدى إلى صراعات متواصلة بين القصر الملكي والحركة الوطنية، حيث حاول الوفد تقييد صلاحيات الملك وإرساء نظام ديمقراطي حقيقي.
### تداعيات التحول الملكي على السياسة المصرية
رغم أن إعلان المملكة منح مصر هوية سياسية أكثر استقلالًا، إلا أن النفوذ البريطاني استمر في عرقلة أي استقلال فعلي. كما تفاقمت حدة الصراعات بين الملك والحركة الوطنية، مما أدى إلى أزمات سياسية دائمة، كان أبرزها حل البرلمان عدة مرات وفرض قيود على الحياة السياسية. هذه الفترة كانت بداية لمرحلة غنية بالأحداث والتحديات التي شكلت مستقبل مصر الحديث.
تعليقات