
في عالم الفتاوى الشرعية، تبرز تساؤلات كثيرة حول تفاصيل قد تبدو بسيطة ولكنها تحمل في طياتها دلالات فقهية عميقة، ومن أبرز هذه التساؤلات تلك التي تتعلق بتكرار السور القرآنية بعد الفاتحة في الركعتين أثناء الصلاة، وهل هذا الفعل جائز أم مكروه شرعًا، وهل تصح الصلاة في حال حدوث ذلك
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، حكم هذه المسألة بعد أن تلقى سؤالًا من أحد المصلين بخصوص إمام المسجد الذي يكرر قراءة نفس السورة في الركعة الثانية بعد الفاتحة، وكان جواب الدكتور لاشين أن الأفضل ألا يفعل الإمام ذلك، لكن إن فعل فلا حرج عليه، والصلاة لا تبطل بذلك، خاصة إذا كان لا يحفظ غير ما يكرر، ولم يتوفر من هو أحفظ منه
ولتدعيم فتواه، استشهد الدكتور لاشين بعدة أدلة شرعية، فذكر أن أبا داود روى في سننه عن رجل من جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح سورة “إذا زلزلت” في الركعتين كليهما، كما أشار إلى أن أحد الصحابة كان يختم قراءته في الركعتين الجهريتين بسورة “قل هو الله أحد”، وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك، قال الصحابي: “حبي إليها يا رسول الله”، فأقر النبي صلى الله عليه وسلم على فعله وقال: “حبك إياها أدخلك الجنة”
واختتم الدكتور لاشين فتواه بقول البدر العيني شارح سنن أبي داود: “والأصح أنه لا يكره، لكن ينبغي ألا يفعل، ولو فعل فلا بأس”، مؤكدًا أن المسألة لا تؤثر على صحة الصلاة، وأن الحكم فيها يظل مرنًا وفقًا للظروف والقدرات
وبذلك نجد أن هذا التفصيل الفقهي يوضح أن الفقه الإسلامي يمتلك مرونة كبيرة في التعامل مع مثل هذه المواقف، مع التركيز على الأفضلية دون إثقال كاهل المصلين بما قد يصعب عليهم، وهو ما يجعل الفتوى قريبة من واقع الناس ومتطلباتهم اليومية
تعليقات