رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة: أهملنا أفريقيا اقتصاديًا لمدة 28 عامًا

القطاع الخاص فى مصر بدأ فى التواجد الافريفى المستدام وتكثيف الصادرات

نحتاج إلى تنويع الأدوات لتسويق منتجاتنا بمستويات دولية

مطلوب دعم مكاتب التمثيل التجارى وتواجد منظمات الأعمال بشكل مكثف داخل بلدان القارة

إذا كان أبوعبدالله محمد بن عبدالله الملقب بابن بطوطة الرحالة والمؤرخ المغربى الشهير يرى فى مؤلفه الأشهر «تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار يرى أن مصر هى أم البلاد وقاهرة الأمم، فإن الدكتور يسرى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة يرى أن افريقيا هى منبع الثروات والمواهب والإمكانيات التى لاحدود لها.. ويحسب للدكتور الشرقاوى وهو الاقتصادى البارع أنه ومعه أعضاء جمعية المصريين الأفارقة أحد أهم أسباب انتعاش حركة التجارة والاستثمار بين مصر وبلدان القارة السمراء، وساهموا بشكل كبير فى توجيه عدد كبير من رجال الأعمال بالقطاع الخاص وكذلك قطاع الأعمال العام فى توجيه بوصلتهم صوب إفريقيا.

إلتقت «الوفد» والدكتور يسرى الشرقاوى ليحدثنا عن واقع ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين مصر وافريقيا وكان الحوار التالى:

< بداية سألت الدكتور الشرقاوى عن مدى أهمية افريقيا لمصر والعكس فأجاب:

<< لو قرأت فى علم الحفريات القديمة ستجد أن نشأة الجنس البشرى بعد تطوره من 5 إلى 8 مليون سنة ستجد أن تاريخ أفريقيا يرجع إلى هذه النشأة وبالتالى فأفريقيا من أقدم الشعوب وأعرقها.. الأمر الآخر أنت تتكلم عن 54 دولة من بين 195 دولة على مستوى العالم، ويمثل عدد سكان القارة نحو مليار 496 مليون شخص وكل ذلك يبرز أننا نتكلم عن قارة ذات تاريخ كبير وإمكانيات هائلة رغم المعاناة الكبيرة التى عانت منها ممثلة فى الاستعمار الذى أنهك قواها، بجانب عدم الاستقرار السياسى والفساد والعنف الذى ساد أغلب دول القارة فى فترات زمنية متفاوتة ومصر من تنتمى إلى القارة الافريقية وهى قلبها النابض ولا يستطيع المرء العيش دون قلب.

< هل تعتقدون أن مصر أعملت علاقاتها مع أفريقيا فى السنوات السابقة؟

<< بالتأكيد أهملنا أفريقيا أكثر من 28 عامًا وكنا متواجدين شكلاً وليس موضوعًا فى العمق الإفريقى وأدى ذلك إلى إهمال ما تم بناءه فى الستينيات عندما كانت بعض البلدان الافريقية تطلق على بعض شوارعها أسماء زعامات مصرية مثل عبدالناصر.

< ومن يتحمل مسئولية هذا الإهمال القارة ضخمة مثل افريقيا؟

<< لا أخفى عليك أن الإهمال يتحمله حكومات سابقة ورؤوس الأموال من القطاع الخاص، وأرى أن الإعلام أيضًا يتحمل جزء من هذا الإهمال لأن جانب كبير من الإعلام كان يرسم صورة ذهنية غير طيبة عن بعض بلدان القارة مما انعكس سلبًا على الشارع الإفريقى.

< بصفتكم أحد خبراء الاقتصاد فى مصر.. هل ترى أن حجم التبادل التجارى بين مصر ودلو القارة الافريقية مُرضيًا؟

<< للأسف الشديد لم تستغل بعد تنوع الثروات الهائلة فى دول القارة، وارتفاع معدلات الكثافة السكانية هناك واحتياج القارة للمنتجات المصرية عالية الجودة والتى تتمتع بميزات تنافسية عالية، وكل ذلك أثر سلبًا على حجم التجارة بين مصر ودول القارة والذى لا يتعدى 9 مليارات دولار منها 6.5 مليار دولار صادرات مصرية و2.3 مليار واردات مع الإشارة إلى أن حجم إفريقيا مع دول العالم تتخطى التريليون و200 مليار دولار منها واردات فقط تقدر بنحو 800 مليار دولار، و420 مليار دولار صادرات لكل دول القارة. 

وأحب أن أشير فى هذه النقطة إلى أن أكثر من 75٪ من أرقام الصادرات المصرية تكون مع دول الجوار فى الشمال الإفريقى مثل ليبيا وتونس والمغرب وعدد قليل من الدول الأخرى وهذا معناه أننا فى حاجة إلى التصدير لأسواق الدول جنوب وغرب الصحراء وكذلك غرب إفريقيا.

< وهل ترى زن إفريقيا الآن أصبحت مرحبة بالتواجد المصرى اقتصاديًا مقارنة بفترات زمنية سابقة؟

<< الفترة الحالية تشهد حالة من الزخم الكبير فى الشارع الإفريقى والذى أصبح يتقبل فكرة التواجد المصرى والرئيس السيسى لعب دورًا كبيرًا فى ذلك وأصبح لدينا إرادة سياسية تتفهم مدى قوة التقارب مع دول القارة كظهير سياسى واقتصادى لمصر، وسد تنزانيا أحد الدلائل الهامة على التعامل المصرى – الافريقى، وكذلك إقامة مصر لمؤتمر شباب العالم العربى والافريقى والذى اقيم بمدينة أسوان مؤخرًا.

< وما هى أبرز الاستثمارات المصرية فى إفريقيًا حاليًا؟

<< هناك استثمارات هامة لشركات المقاولون العرب، سامكريت، مجموعة السويدى، وادى دجلة، تبارك القابضة وهناك العديد من المعارض والمؤتمرات التى تعقد بين الجانبين من أجل إثراء حجم التبادل التجارى بما يؤدى فى النهاية إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادى فى مصر ودول القارة.

< وماذا قدمتم فى جمعيتكم رجال الأعمال المصريين الافارقة لزيادة التقارب الاقتصادى بين مصر والقارة الافريقية؟

<< أخذنا على عاتقنا فى الجمعية كمنظمة أعمال أن نسعى بتوجيهات القيادة السياسية لكى نجعل التواصل مع مجتمع القطاع الخاص الافريقى تواصلاً فاعلاً إيجابيًا ومستدامًا وأعددت 64 دراسة ومذكرة معلومات محدثة عن دول القارة، وشاركنا فى 32 مؤتمر دولى ما بين زيارات خارجية، ومؤتمرات افتراضية، وبعثات تجارية ومعارض دولية، بالاضافة إلى إبرام 11 بروتوكولا للتعاون الاقتصادى. 

كما قمنا باختيار 18 شخصية ذات كفاءة كبيرة ليصبحوا ممثلين للجمعية فى دول الكاميرون، بتسوانا، رواندا، أوغندا، جنوب إفريقيا،  كينيا، السنغال، الكونغو، غانا، زامبيا، الجزائر، جامبيا، نيجيريا، بوركينا فاسو، موريشيوس، ليبيريا، بنين، تنزانيا وكل هذه الجهود المتواضعة من أجل رفع مكانة مصر كمركز للتجارة الدولية فى إفريقيا، ودعم التجارة البينية والربط بين القطاع الخاص فى مصر وإفريقيا.

< هل ترون أن منظمات الأعمال فى مصر تؤدى المطلوب منها بالشكل المطلوب لزيادة حجم التجارة والصادرات لدول القارة؟

<< دعنى أصارحك القول بأن بعض منظمات الأعمال والقطاع الخاص فى مصر لا يزال ينظر إلى أفريقيا بفلسفة التواجد بالصيغة البيعية بالدرجة الأول بمعنى أنهم لا يفكرون سوى فى ترويج مبيعاتهم وبيعها فقط وهذا خطأ كبير لأن التواجد فى افريقيا لابد أن يكون تواجد مستدام ومستمر بشكل يسمح لنا بالنمو، مع عدم إغفال أن الأجيال الجديدة فى دول القارة من الشباب المتعلم يريد أن يرى بلاده تنمو هى الأخرى، وأنهم الأولى بثروات وخيرات بلادهم وعدم استغلالها من أية دول أخرى ولذا أقول لك أن التواجد الإفريقى المستدامة هو الأم وهو الجديد.. الأمر الآخر لابد أن يقوم القطاع الخاص بإدخال قيمة مضافة على المنتجات التى يستوردها ويصدرها لافريقيا خاصة فى المنتجات الزراعية واللحوم.

< وماذا ينقصنا لتحقيق أكبر إستفادة اقتصادية من الشراكات والتقارب مع دول القارة الافريقية؟

<< هناك العديد من الأدوات والمحاور التى ينبغى العمل عليها لتحقيق أكبر إستفادة إقتصادية ممكنة من التقارب مع دول القارة المختلفة ومن المحاور التى يجب استخدامها للتحرك فى إفريقيا، الدبلوماسية الرئاسية واستطاعت فى العشر سنوات الماضية إعادة العلاقات الاقتصادية بشكل قوى مع العديد من دول إفريقيا، وهناك الدبلوماسية الرسمية ممثلة فى وزارة الخارجية، وهناك الدبلوماسية الاقتصادية ممثلة فى المكاتب التجارية فى الخارج، ثم الدبلوماسية الشعبية ممثلة فى منظمات الأعمال، وجمعيات المجتمع المدنى، وكل هذه الأدوات لو تحركت بشكل متصل وفعال سنحقق إستفادة اقتصادية بالغة الأهمية.. ونضيف على ذلك أمر بالغ الأهمية وهو أن نتصدى لتحديات الأعمال وكل المعلومات التى تنشأ بيننا وبين دول القارة على المستوى الاقتصادى بحلول مبتكرة مع تكثيف الدعم المادى والمعنوى لمكاتب التمثيل التجارى فى الخارج وهى مليئة بالكفاءات الشابة المصرية الواهية والقادرة على إجراء المفاوضات التجارية والملمة بقواعد التجارة والاقتصاد الدولى وتحقيق أكبر المكاسب الاقتصادية منها لصالح بلدهم مصر.

< ألا تتفق معى أن مناخ الاستثمار فى مصر أصبح مهيئًا لاستقبال الاستثمارات الافريقية فى مصر عن زى قبل؟

<< أتفق معك تمامًا، فالجميع يرى أننا أصبحنا مهيئون لاستقبال الاستثمارات الافريقية فى مصر عن زى قبل؟

<< اتفق معك تمامًا، بالجميع يرى أننا أصبح لدينا شبكة من الطرق على أعلى مستوى، وموانئ ولوجستيات لا نظير لها فى المنطقة، بالإضافة إلى الخدمات المالية التى تقدم للمستثمرين، وفوق كل ذلك هناك أمن واستقرار وهو أول شىء يبحث عنه أى مستثمر فى أى بلد يرغب فى الاستثمار فيها.

< بمناسبة الخدمات المالية.. هل ترى أن القطاع المصرفى فى مصر قادر على تمويل الاستثمارات الجديدة المتنوعة القادمة من إفريقيا والعكس بالشكل المطلوب؟

<< لدينا قطاع مصرفى قوى، ونحن فى جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة قمنا بإجراء لقاءات موسعة مع مجموعة البنك الافريقى للتنمية ضمن برنامج شراكة فعال لدعم صناعة الأدوية – مثلاً – ومؤخرًا حضر إلى القاهرة وفدًا نيجيريًا يضم أكثر من 145 رجل أعمال نيجيرى واطلعناهم على كل التسهيلات والخدمات المالية التى تقدمها الحكومة المصرية لجذب المستثمرين وضخ رؤوس الأموال فى مشروعات جديدة فى مصر وأبدوا ترحيبهم وإعجابهم بحوافز الاستثمار المقدمة لخدمة المستثمرين.

< القيادة السياسية تسعى للوصول بالصادرات لنحو 200 مليار دولار أو 150 مليار دولار.. ما الذى ينقصنا لتحقيق هذا الرقم فى رأيكم؟

<< ينقصنا أن يصبح لدينا صناعة قوية ومتنوعة وأن نعمل على زيادة الانتاج بمنتجات منافسة على قادرة على اختراق الأسواق العالمية، وأن نعمل على تطوير مستوى الشحن للصادرات مع خفض فترات الإفراج الجمركى من وإلى مصر، وأن يصبح لدينا أدوات تسويقية بمستويات دولية، وفرق عمل مدربه على أعلى مستوى مختصة بالتصدير.