دمج التربية والتعليم العالي، خطوة إصلاحية أم مغامرة تربوية غير محسوبة؟

كتب: رفيدة عادل

في جلسة داخل مجلس الشيوخ المصري، طرح النائب محمد نبيل دعبس، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مقترحًا لدمج وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا بين أعضاء المجلس والخبراء في قطاع التعليم.

 دمج التربية والتعليم العالي، أسباب الاقتراح

جاءت هذه المبادرة في سياق الجهود المستمرة لتحسين جودة التعليم في مصر، حيث يرى دعبس أن الفصل بين الوزارتين يؤدي إلى غياب التنسيق الفعّال بين مراحل التعليم المختلفة.

وأوضح أن توحيد السياسات التعليمية سيسهم في سد الفجوة بين التعليم قبل الجامعي والتعليم الجامعي، مما يساعد في إعداد الطلاب بشكل أفضل لمتطلبات سوق العمل.

كما أشار إلى أن هذا الدمج قد يعزز الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية، بحيث تصبح هناك رؤية موحدة لتطوير التعليم في مصر، بدلًا من السياسات المتفرقة التي تعاني منها المؤسسات التعليمية حاليًا.

ردود الفعل داخل مجلس الشيوخ

لاقى المقترح ردود فعل متباينة داخل المجلس، حيث أيد بعض الأعضاء الفكرة باعتبارها خطوة نحو توحيد منظومة التعليم وتحقيق تكامل بين مراحل التعلم المختلفة، بينما حذر آخرون من التحديات التي قد تنتج عن هذا الدمج، مثل تعقيد الهيكل الإداري وإمكانية تداخل المسؤوليات بين القطاعات المختلفة.

أكد بعض النواب أن دمج الوزارتين قد يتطلب إعادة هيكلة شاملة، مما قد يؤدي إلى تعطيل بعض العمليات الإدارية لفترة من الزمن، فيما أبدى آخرون تخوفهم من أن هذا القرار قد يؤثر على استقلالية الجامعات وسياسات التعليم العالي، خاصة في ظل اختلاف طبيعة التعليم في المرحلتين.

رأي معلمين في جامعات التعليم العالي

يرى الدكتور أحمد عمران، دكتور بالمعهد العالي للإعلام، أن الموضوع غير مجدي لأنه مع التوسع في التعليم الجامعي سواء جامعات خاصة أو أهلية أو تكنولوجية والدولية بالإضافة للجامعات الحكومية يبقى الإبقاء على وزارة خاصة بالتعليم العالي هو الحل الأمثل، وكذلك التعليم قبل الجامعي مع زيادة أعداد الطلاب في مصر.

وتساءل الدكتور سامح فوزي الشحري، دكتور بالمعهد العالي للإعلام، عن ما هو الدافع لدمج الوزارتين؟، مضيفًا أن “الوزارتين تقومان بتمثيل كاريرًا مختلفًا، فوزارة التربية والتعليم يعمل بها موظفين، ووزارة التعليم العالي دكاترة وأساتذة جامعيين”.

وأشار إلى أن “التربية والتعليم  تعني مراحل التعليم الأساسي والمدرسي، أما التعليم العالي فهو تعليم جامعي وفوق جامعي، فالوزراة ليست معنية فقط بالتأهيل الجامعي ولكن بالثانوي والفني الصناعي والتجاري والزراعي”.

وتابع أنها تهتم بالتعليم الأساسي، كما تهتم وزارة التعليم العالي بالمراكز البحثية، متابعًا أن مراحل التعليم الجامعي والبحثي هي مراحل كبيرة جدًا غير قابلة لإضافة أي وزارة أخرى إليها.

التحديات أمام تنفيذ الاقتراح

في حال الموافقة على هذا المقترح، ستكون هناك مجموعة من التحديات التي يجب معالجتها لضمان نجاح عملية الدمج، ومنها:

التداخل الإداري: ضرورة وضع إطار إداري جديد يحدد بشكل واضح اختصاصات كل قطاع داخل الوزارة الجديدة.

توحيد المناهج والسياسات: الحاجة إلى توحيد الخطط التعليمية بين مراحل التعليم المختلفة مع مراعاة طبيعة كل مرحلة.

التنسيق مع الجامعات: الحفاظ على استقلالية الجامعات مع تحقيق التكامل المطلوب مع مراحل التعليم الأساسي والثانوي.


إدارة الموارد البشرية: إعادة توزيع الموظفين والمعلمين بما يتناسب مع الهيكلة الجديدة للوزارة.

هل يمكن تحقيق التكامل بين الوزارتين؟

يظل قرار دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي محل نقاش واسع بين السياسيين والخبراء، حيث يحمل في طياته فرصًا كبيرة لتحقيق التكامل التعليمي، لكنه في الوقت ذاته قد يواجه عقبات تتطلب حلولًا دقيقة ومدروسة.

حتى الآن، لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن هذا المقترح، لكن من المؤكد أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستحتاج إلى حوار مجتمعي واسع يشمل جميع الأطراف المعنية بالتعليم في مصر، لضمان أن أي تغيير يتم بطريقة تدعم تحقيق جودة تعليمية تتناسب مع تطلعات الدولة والمواطنين.

. .8iae

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *