أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ فيصل بن جميل غزاوي، المسلمين في خطبته اليوم بتقوى الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وأكد على ضرورة الاستمداد من قوة الله في مواجهة تحديات الحياة، مشيرًا إلى أن المؤمن يجد قوته ومعونته من الله، وأنه إذا اعتمد قلبه على الأسباب فقط، فقد كَلَّهُ الله إليها، بينما إذا اعتمد على رب الأسباب وتوكل عليه، فلن يخذله أبدًا.
وقال الشيخ غزاوي إن المقرر في عقيدة المؤمن أن جميع الأشياء تحت قهر الله وسلطانه، وأن جميع القوى على اختلافها هي مستقرّة لله تعالى، فهو المتفرد بالقوة كلها. وأضاف أن من فقه القوة أن تدبير هذا الكون كله بيد الله سبحانه وتعالى، وأن ما سواه لا يملك لنفسه حولًا ولا قوة، ولا يملك نفعًا أو ضرًا. وتابع: “كيف يملك ذلك لغيره؟!”، مشيرًا إلى أن كل من أعجب بقوته من الخلق واستعظمها واعتمد عليها فسيقع في الخسران والهلاك.
وأكد الشيخ غزاوي أن الإنسان ضعيف من جميع الوجوه، وأنه لا يجب أن يغتر بقوته أو قدرته، بل يجب أن يتذكر حاله وضعفه في الأصل، وكيف كان قبل أن ينعم الله عليه بالقوة. وقال: “من حكمته سبحانه وتعالى أن يُري العبدَ ضعفَه، وأن قوته محفوفة بضعفين، وأنه ليس له من نفسه إلا النقص.” وأضاف أن الإنسان لو استمرت قوته في الزيادة دون تقوية من الله، لطغى وعتا. وأكد على أن قوة الله مستمرة في خلق الأشياء، ولا يلحقها إعياء ولا نقص.
وأوضح أن من فقه القوة أن يعلم العبد أن قوته هي فضل من الله وأمانة يجب عليه القيام بحقها، وأن العجب بها كفران للنعمة. وأشار إلى أن المؤمن يستمد قوته وعزيمته من الله، ويعلم أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله، ولا يستطيع فعل شيء إلا بتأييد من الله. وبيّن أن ذكر الله يقوي القلب والبدن، ويزيد النفس ثباتًا، ويجعل الإنسان يتمتع برباطة جأش وطمأنينة.
وأشار الشيخ غزاوي إلى أن المؤمنين لا يعتدون بقوتهم مهما بلغت ولا يغترون بما لديهم من قوة أو عدد، بل يعتمدون على الله في كل أمورهم. وفي هذا السياق، ذكر أن النصر والغلبة لا ترتبطان بالقوة الجسدية فقط، بل بميزان القلوب، وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فضل فيه المؤمن القوي على المؤمن الضعيف، حيث يُعتبر المؤمن القوي أكثر نفعًا لأنه قادر على تحقيق مصالح نفسه والمجتمع، ويعود على المسلمين بالخير والنصر على الأعداء ودحر الباطل.
وتابع الشيخ غزاوي موضحًا أن قوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها، ولكن إذا استعمل الإنسان هذه القوة في ما ينفعه وينفع الأمة في الدنيا والآخرة ويُرضي الله، فهي محمودة. أما إذا استعملها في معصية الله، كالبطش بالناس وإيقاع الضرر بهم، فذلك مذموم. وذكر أن من فقه القوة أن القوي الشديد هو من يملك القدرة على مجاهدة نفسه عند الغضب، وهذا يدل على القوة الحقيقية التي لا تقتصر على الجوانب الظاهرة بل تشمل الصبر على النفس.