حركت واقعة الاعتداء بالسلاح الأبيض على حارس أمن خاص بمؤسسة تعليمية في إقليم الفقيه بن صالح، أخيرا، “في خضم تضاعف عدد حالات الاعتداءات التي تطال مستخدمي الحراسة الخاصة بالمغرب”، مطالبة فاعلين نقابيين بتمكين أعوان الحراسة من وسائل الدفاع عن النفس والمراقبة، بما فيها العصي الكهربائية، “بعد التسريع بإخراج النص التنظيمي الذي أناط به القانون مهمة تأطير استخدام هذه الوسائل”.
وأفادت النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ، جريدة هسبريس الإلكترونية، بأن الاعتداء طال حارس أمن بمؤسسة تعليمية منتمية إلى مجموعة مدارس الساقية الحمراء بمديرية الفقيه بن صالح، الجمعة الماضي، بعدما “حاول المهني المعني منع أب تلميذ من أخذ الابن من طليقته عنوة، رغم أن الحضانة عند أمه”.
ويجيز القانون رقم 27.06 المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال لـ”مستخدمي مقاولات الحراسة ونقل الأموال حمل الأسلحة واستعمال جميع وسائل الدفاع والمراقبة والحراسة الأخرى ووسائل النقل ذات التجهيز الخاص، أو وسائل الاتصال الخاصة”، على أن ذلك “وفقا للمقتضيات القانونية أو التنظيمية المطبقة في هذا المجال، وطبقا للأحكام والقواعد التي سيحددها نص تنظيمي”.
“مطلب بمبررات”
لبنى نجيب، الكاتبة العامة الوطنية للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ، أفادت بأن “الاعتداءات التي تطال حراس الأمن الخاص بالمغرب تضاعفت بشكل كبير في ظل انعدام شروط الحماية القانونية لهم”، مؤكدة أن “هؤلاء مازالوا ممنوعين من حمل وسائل تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم عند مجابهة هذه الحوادث، بسبب غياب النص التنظيمي الذي نص القانون المذكور على ضرورة إقراره تنظيم استخدام هذه الوسائل”.
وأوردت نجيب، في تصريح لهسبريس، أن “أعوان الحراسة ممنوعون أساسا حتى من الدفاع عن أنفسهم بدون الأسلحة والوسائل المنصوص عليها في القانون، ما يجعلهم يلاقون صعوبة كبيرة في التصدي للاعتداءات التي تلحقهم”، مبرزة أن “التشريع للأسف مازال لا يتضمن الحماية الكافية لهؤلاء المهنيين الذين يجدون أنفسهم أحيانا متابعين قضائيا فقط لأنهم دافعوا عن أنفسهم وعن السير العادي للمقرات حيث يشتغلون”.
وشرحت الفاعلة النقابية ذاتها أن “هذه الحوادث لا يتم تكييفها على أساس أنها اعتداءات طرأت عند مزاولة حارس الأمن الخاص مهامهم، بل كوقائع طرأت لمدني ضد مدني”، مؤكدة أن “الحاجة إلى طفرة قانونية شمولية في هذا المجال قائمة؛ غير أنه يجب على الأقل ابتداء تنزيل المقتضيات القانونية الواردة في القانون 27.06، وفي مقدمتها تمكين أعوان الحراسة من أدوات الدفاع عن النفس ومن ضمنها العصا الكهربائية”.
وأفادت المتحدثة ذاتها في هذا الصدد بأنه “في عدة دول يحوز حارس الأمن الخاص هذه الأدوات؛ وفي تركيا وفرنسا على سبيل المثال يرخص له بحمل أسلحة”، مبرزة أن “المؤسسات الحساسة كالأبناك مثلا من غير الممكن توفير الحماية الكافية لها وضمان سلامة المهني من دون أن توفر له وسائل لمواجهة الأخطار”.
وشددت النقابية عينها على أن “غياب النص التنظيمي الذي من شأنه تأطير استخدام أعوان الحراسة لوسائل الدفاع عن النفس ترك فراغا كبيرا على مستوى تأمين الحماية لهم”، مفيدة بأن “مطلب النقابة كما سلف شمولي، يهم قانونا خاصا بفئة حراس الأمن الخاص، أو على الأقل إفراد باب لهم في مدونة الشغل عند تعديلها”.
“تعويم مقتضى”
عبد العزيز الملالي، الكاتب العام الإقليمي للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة والنظافة والطبخ بفجيج، أكد أن “مطلب تمكين حراس الأمن الخاص من أدوات الدفاع عن النفس والمراقبة كما أجاز ذلك القانون مطروح وبقوة”، مشيرا إلى أن “حارس الأمن الخاص الذي يوجد في احتكاك دائم ومباشر مع المرتفقين بالأبناك والمؤسسات العمومية دائما ما يجد نفسه الضحية الأول لأي توترات تطرأ بين هؤلاء والمؤسسة”.
وأضاف الملالي، في تصريح لهسبريس، أن “بعض المرتفقين يقدمون في حالات هستيرية، فلا يجدون ما ينفّسون به الغضب سوى الاعتداء على حارس الأمن الخاص المناط به الحرص على سلامة سير المرفق المحروس”، مضيفا أن “المؤسسات الحساسة كالأبناك تتعرض بشكل شبه دوري لهجمات اللصوص بأسلحة بيضاء؛ ما يسائل كيفية تصدي أعوان الحراسة لهم”.
وأفاد حارس الأمن الخاص بأن “تعويم مقتضى إباحة استعمال الأسلحة ووسائل المراقبة بالنسبة للمهنيين، داخل القانون المذكور الذي تراه النقابة في نهاية المطاف ينظم أعمال الشركات لا الحراس، ساهم في عدم إخراج نصه التنظيمي”، مؤكدا أن “ثمة حاجة إلى قانون خاص بهذه الفئة، ينظم كافة أشكال الحماية لها، سواء في إطار علاقاتها بالمشغل أو بالمرتفقين”.
جدير بالذكر أن النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ تستعد لتنظيم وقفة احتجاجية ممركزة أمام البرلمان، “قبل حلول شهر رمضان”، بعدما “استمرت الوضعية المزرية والمأساوية التي يعيشها أعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ على الصعيد الوطني، في ظل تدبير عشوائي وغير ممنهج لشركات الحراسة الخاصة والمناولة، وغياب تام لدور أجهزة الرقابة ومفتشي الشغل، مع تجاهل تام وتواطؤ جميع الجهات المسؤولة (..) كل من وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزارة التربية الوطنية ومصالحها الخارجية”.