Categories: مصر

المخَدرات ضياع للإِنسان .. موضوع خطبة آخر جمعة في عام 2024

حددت وزارة الأوقاف المصرية، موضوع خطبة الجمعة اليوم 27 ديسمبر 2024م بعنوان :  «المُخَدِّرَاتُ ضَيَاعٌ لِلْإِنْسَانِ».

وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية جمهور المسجد بمخاطر الإدمان والمخدرات وأثرهما في تدمير الإنسان والمجتمع، وأوضحت الوزارة أن هذا الموضوع ينسجم مع المحورين الثاني والثالث، وهما مواجهة التطرف اللاديني وبناء الإنسان.

المُخَدِّرَاتُ ضَيَاعٌ لِلْإِنْسَانِ
الحَمْدُ للهِ العَزِيزِ الحَمِيد، القَوِيِّ المَجِيد، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، شَهَادَةً مَنْ نَطَقَ بِهَا فَهُوَ سَعِيد، سُبْحَانَهُ هَدَى العُقُولَ بِبَدَائِعِ حِكَمِه، وَوَسِعَ الخَلَائِقَ بِجَلَائِلِ نِعَمِه، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ العَقْلَ شَرِيفٌ جَلِيلٌ مُقَدَّسٌ، تَجَلَّى عَلَيْهِ الوَهَّابُ سُبْحَانَهُ لِيَكُونَ مَحَلًّا لِلْإِبْدَاعِ وَالابْتِكَارِ وَالاكْتِشَافِ وَصِنَاعَةِ الحَضَارَةِ، فَإِذَا كَانَ صَلَاحُ الأَجْسَادِ بِصَلَاحِ القُلُوبِ، فَإِنَّ صَلَاحَ الأُمَمِ وَالشُّعُوبِ بِصَلَاحِ العُقُولِ، وَقَدْ دَعَانَا القُرْآنُ الكَرِيمُ إِلَى اسْتِثْمَارِ أَقْصَى قُدْرَاتِ العَقْلِ بِمَا يُنَاسِبُ سُمُوَّهُ وَجَلَالَ قَدْرِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ}، {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا العَقْلَ المُمَجَّدَ الَّذِي شَرَّفَهُ اللهُ تَعَالَى لِيَكُونَ مَنَاطًا لِلتَّكْلِيفِ قَدْ أَحَاطَهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِصُنُوفٍ مِنَ التَّقْدِيسِ وَالحُرْمَةِ وَالسِّيَاجِ وَالحِمَايَةِ وَالرِّعَايَةِ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى العَقْلِ وَتَغْيِيبَهُ وَتَغْطِيَتَهُ لَيْسَ تَعَدِّيًا عَلَى بُنْيَانِ الإِنْسَانِ وَتَدْمِير صِحَّتِهِ وَكَيْنُونَتِهِ فَحَسْبَ، إِنَّمَا يَمْتَدُّ خَطَرُهُ لِيَشْمَلَ تَدْمِيرَ الأَوْطَانِ وَضَيَاعَ الأُمَم.

أَيُّهَا الكِرَامُ انْتَبِهُوا، إِنَّ مُوَاجَهَةَ المُخَدِّرَاتِ بِكُلِّ أَنْوَاعِهَا بِمُنْتَهَى الحَسْمِ وَالصَّرَامَةِ وَالقُوَّةِ وَاجِبُ الوَقْتِ عَلَيْنَا جَمِيعًا، مُتَعَاوِنِينَ مُتَكَاتِفِينَ، مُزَوَّدِينَ بِكَافَّةِ المُنْطَلَقَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالحَضَارِيَّةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ، فَلَا يَقْبَلُ عَاقِلٌ أَنْ يُعْتَدَى عَلَى عَقْلِهِ بتَغْيِيبٍ أَوْ تَغْطِيَةٍ أَوْ تَفْتِيرٍ بِسَبَبِ مُخَدِّرٍ مُهْلِكٍ مُوبِق، وَلَا يَسْتَسِيغُ إنْسَانٌ سَوِيٌّ أَنْ يَقْبَلَ دُخُولَ هَذَا العَقْلِ الشَّرِيفِ المُقَدَّسِ فِي غَيْبُوبَةِ المَرَضِ وَالإِنْهَاك وَتَدْمِيرِ الصِّحَّةِ، وَيَكُونَ مِعْوَلَ تَدْمِيرٍ لِلدُّوَلِ وَاقْتِصَادِيَّاتِهَا.

أَيُّهَا السَّادَةُ، هَذَا تَحْذِيرٌ إِلَهِيٌّ شَدِيدٌ مِنْ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أَبْنَاءِ المُجْتَمَعِ، وَيَفُتَّ فِي عَضُدِهِ، وَيُضْعِفَ بِنْيَتَهُ، وَيُوهِنَ شَبَابَهُ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، أَلَمْ يَحِن الوَقْتُ بَعْدُ أَنْ نُطَبِّقَ مَبْدَأَ الوِقَايَةِ خَيْر مِنَ العِلَاجِ، وَنُفَعِّلَ هَذَا النَّهْيَ الشَّدِيدَ {فَاجْتَنِبُوهُ} لِيَكُونَ حَائِطَ صَدٍّ أَمَاَمَ المُخَدِّرَاتِ وَالإِدْمَانِ الَّذِي يُهْلِكُ العَقْلَ وَيُضَيِّعُ الإِنْسَانَ؟! أَلَا نَسْتَمِعُ بِقَلْبٍ وَاعٍ مُجِيبٍ إِلَى ندَاءِ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ مُحِبًّا لَنَا وَمُشْفِقًا عَلَيْنَا {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، أَلَمْ يَضَع الجَنَابُ الأَنْوَرُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ هَذِه القَاعدَةَ الصَّلْبَةَ الَّتِي تَقِفُ حَجَرَ عَثْرَةٍ أَمَامَ هَذَا الدَّاءِ اللَّعِينِ بِصِيغَةِ العُمُومِ وَالشُّمُولِ، فَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ».

السَّادَة الكِرَام، إِنَّ المُخَدِّرَاتِ تَدْمِيرٌ لِلنَّفْسِ، تَنْكِيسٌ لِلْفِطْرَةِ، سَلْبٌ لِلْعُقُولِ، ضَيَاعٌ لِلْأَمْوَالِ، تَمْزِيقٌ لِلْأَرْحَام، قَتْلٌ لِلْأَرْوَاحِ، تَعَدٍّ صَارِخٌ عَلَى بُنْيَانِ الإِنْسَانِ، فَكَمْ مِنْ بُيُوتٍ خُرِّبَتْ، وَكَمْ مِنْ أَمْوَالٍ ضُيِّعَتْ، وَكَمْ مِنْ أَطْفَالٍ شُرِّدَتْ، وَكَمْ مِنْ شَبَابٍ أُفْسِدَ بِسَبَبِ أُمِّ الخَبَائِث وَمَصْدَرِ كُلِّ مَفْسَدَة وَمَهْلَكَة، فَهَلْ سَمِعْتُمْ عَنْ شَابٍّ ضَيَّعَ مَالَهُ وَعَقْلَهُ وَسَرَقَ مَالَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَتَعَدَّى عَلَيْهِم بِالسَّبِّ وَالضَّرْب بَلْ وَالْقَتْلِ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِدْمَانُهُ المُخَدِّرَات؟! هَلْ قَرَأْتُمْ قِصَّةَ أَبٍ مُدْمِنٍ أَضَاعَ مَالَهُ وَقُوتَ أَوْلَادِهِ، وَأَهْلَكَ مَنْ يَعُولُ بِسَبَبِ تَعَاطِيهِ المُخَدِّرَات؟! هَلْ شَعرْتُمْ بِقَلْبِ طِفْلَةٍ مَكْلُومٍ مِنْ فَقْدِ أَبِيهَا بِاسْتِهْتَارِ مَنْ يَقُودُ سَيَّارَتَهُ تَحْتَ تَأْثِيرِ الحَشِيشِ؟!

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

ابراهيم الابيض

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.

Recent Posts

مصطفى بكري: مصر لن تخضع للابتزاز وإذا قالت كلمتها فاستمعوا لها

كتب- حسن مرسي: قال الإعلامي مصطفى بكري، الشعب المصري والأمة العربية أمام مشهد تاريخي يتمثل…

دقيقتان ago

الزمالك يكشف موقف بنتايج بعد إصابته الخطيرة أمام بيراميدز

الزمالك يكشف موقف بنتايج بعد إصابته الخطيرة أمام بيراميدز

3 دقائق ago

النبريصي ونادر فرج يقودان هجوم الإسماعيلي أمام الطلائع

اعلن حمد إبراهيم المدير الفني لفريق الإسماعيلي، التشكيل الذي يخوض به مواجهة طلائع الجيش، بعد…

5 دقائق ago

توقعات الأبراج وحظك اليوم لبرج الجوزاء1-2: فرص كبيرة لتحقيق الإنجازات

توقعات الأبراج وحظك اليوم لبرج الجوزاء1-2: فرص كبيرة لتحقيق الإنجازات

6 دقائق ago

آخر تحديث لسعر الدولار اليوم الخميس 30-1-2025

يقدم موقع اليوم السابع خدمة متابعة حية لأحدث أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري في…

7 دقائق ago

الشرطة الأمريكية: حدوث انفجار بعد تحطم طائرة فيلادلفيا.. فيديو

أعلن حاكم ولاية بنسلفانيا الأمريكية جوش شابيرو أن طائرة صغيرة تحطمت شمال شرقي مدينة فيلادلفيا.…

9 دقائق ago